تنسيق مقالات ادبيه الى كتاب

لدي ٥٠ مقال ادبي اريد تنسيقها وتحويلها الى شكل كتاب بمقدمه وخاتمه وفهرس وحاشيه للكلمات الي تحتاج شرح واعراب أواخر الكلام (وضع التشكيل ) المطلوب ارسال نموذج لعملك على هذا المقال ..

*مقال 012 *مراهق بلا جينات*

أستيقظت وكأني فراشة تخرج من شرنقة، لقد بدأ إنسلاخي من طور الطفولة كما تنسلخ الحية من جلدها، وعصير فلفل يحقن بشراييني(هرمون التستسترون)، لقد أثر على مشاعري وإحساسي، لست أنا الذي كنت بالأمس ولا الذي آمل أن أكونه بالمستقبل، أستغيث وصوتي غاطس بأعماق البئر، وأسمع صداه يتردد لوحدي، وكأني أخاطبهم بتلفون ليس له (سبيكر)، ويخاطبوني بتلفون ليس به (سماعة)، فصوتي لايسمعونه، وكلامهم لايصلني، وكأننا في أفلاك متوازية نتخاطب، ولاندرك بعضنا بعضا، فيراسلوني على ترددات لاتظهر في شاشتي، وترددات إرسالي موجاتها غير مرئية، وبعض الكلمات تتلاقى تلاقي الأشباح، وكأن أحدنا غير مرئي للآخر، وكلنا نتنافس على الأولية، أقول اسمعوني فيردون إسمعنا أولاً، ويقولون إسمعنا فأقول أنا الذي يعاني من نفسه وأنا داعس الجمر واكتوي بحالي، فاسمعوني أولاً، فصرنا أنكى من حوار الطرشان، فالطرشان معذورون، ألم يكن الوالدين مراهقين، أم أنهم عبروا المرحلة كصاروخ (سكود) مر بسلام، وأنا (سكود) يرجمه قاذفات منصات الباتريوت، صرخاتي كزئير أسد مكتوم ولاتظهر، وإن ظهرت فهي زئير مضطرب وغير متناسق، كزئير أسد في جوف شاة، أنكرت نفسي فلا أعرفها، وأنكرني من حولي فلايعرفوني، لقد لاعبوني سبعاً وأدبوني سبعاً وأعادوا التأديب في السبعة الثالثة، ولم يصاحبوني، مع أنه قد أخضر شاربي، وانتعظت، تسلقت المكتبة فوجدت عن المراهقة بأنها من راهق يعني(قارَبَ)، (قارَب أن يكون رجلاً)، وبلغة أخرى (رجلٌ تحت الإعداد)، لست متوجهاً لأعود جنيناً، وإنما توجهت من مرحلة الطفولة باتجاه مبلغ الرجال، أحمل الطفولة بكامل خبراتها معي، وأتلمس عالمي الجديد المليئ بالغموض، كطفل بدأ يتعلم المشي، وأنتظر من يأخذ بيدي، لأمر هذه المرحلة، وهي جديدة علي، ولم أعهدها، والكل حولي ينتظر أن ألعب الجمباز، وأنا أتعثر بخطواتي وأقع وهم يضحكون ويتغامزون، وإني للدعم والمساندة أحوج، دعوني أصاحبكم أو صاحبوه سبعاً، فتقمعوني عملياً للأنتكاص لعالم الأطفال، وتطالبوني بالإنضباط على إيقاع عالم الرجال، وإن تعثرت في قول أو فعل، نصبتم منجنيق النقد حولي يدك قلعتي الرملية على شاطئ أحلامي، وتتندرون وتتفكهون على كل محاولة مني للنمو، فأنا غير متناسق الحركات، فعضلاتي لم أعهدها هكذ، والتناسق بين جهازي العصبي والعضلي يعاني عدم اتساق، وتصورات عالم المعاني تحت التأسيس، وبدأت في إلتقاط حروف وكلمات قاموسي في الحياة، لأُكَوِنْ أفكاري ومفاهيمي وتصوراتي وإدراكاتي، وأبني قلعة نضجي بجمع طوب جداري من تجاربي بالحياة، طوبةً طوبة، وتنتظرون أن ابنيها كمباني جاهزة، أو بطابعة ثلاثية الأبعاد، وليس من فتك بقلعة حياتي الجديدة، أمضى وأشد من النقد الجارح، والسخرية المريرة، والتطنيش القاتل، والإهمال المريع، ويكتفون بدش ساخن من حمض أسيد النصائح الصارخة، وبعد عثراتي تسمع العبارة المسمومة(مو قلتلك)، فيئن وجداني ويتفجر وتهتز أعماقي وتصرخ ألماً، كمن تم صبه بداخل صبة سميكة، أريد أن أمزق قشرة وجودي لأنطلق في عالم فسيح بلا حدود ولاجدران، أحتاج لصدر حنون، وكلمات أب عاقل لامجنون، يده بيدي يأخذني عبر رحلة ماتم تسميته (مرحلة المراهقة) والانطلاق نحو الاستقلال المالي والإداري لحياتي، وماتم اختصاره كشتيمة بلفظة (مراهق)، تحْمِلْ الاستنقاص والإستخفاف، أكثر من كونها تحمل دفء العلاقة الأبوية، والدعم للنمو، والإشراف على تكوين رجل تحت الإعداد، أعلم أن إدارة نموي تصقل مهارة والدي، وتنمي قدراته، فهو مستجد في تربية "مراهق" كما أني مستجد في مرحلة "رجل تحت الإعداد" وهي أشد من تدريب عسكري لشخص مدني، أو اقتحام غابات لساكن الصحارى، فهي اقتحام عالم جديد مليئ بالغوامض، يحتاج فيه لخارطة طريق ومرشد ودليل، فيتم اقتحامك له مع صيحات الساخرين فهيهات لنمو سوي، ونضج واتزان، وكأنك في سيرك الهذيان، كانت المجتمعات أقرب لنمو سوي، فالجد والجدة في منزل الأب، والأب تحتضنه خبرات الأقدمين، والأعمام في الجوار، وأهل الحي يحتضنون سكان الحي، فالجميع يدعم التنشئة للجيل على أعراف سائدة، والكل يتكامل لتستمر عجلة الحياة، فلو لحظت شطط وخروج عن الفعل السوي، يدعم بتصويبة تعدله في الحال، والإحترام بين الكبار متبادل، والرحمة للفتيان متوافرة، وتوقير الأجداد، فهذه بيئات يقل فيها الإضطراب، وتنمو فيها محبة الأحباب، وود الأصدقاء، والتراحم للجميع، والآن تتنازع المؤسسة العليمية وحياة المنازل، تحميل كل طرف مسئولية تنشئة الناشئة، ويدخل المجتمع المحيط والمسجد كطرف ثالث، فمؤسسات المجتمع المفعلة تحتضن مكونات المجتمع وتدعمها، حتى استطيع أن أنمو نمواً طبيعياً متوازناً، بدلاً من أن ترمي المدرسة المسئولية على المنزل وكذلك يفعل المنزل، فصوتي لايسمعه أحد وأنا المتهم دائماً، وليس هناك هيئة دفاع، فيتكلم الجميع في أمري وحقي في الصمت يبدأ من الاتهام وحتى الإدانة، فأحضر المحاكمة اتأمل المداولات وحقي الوحيد هو الصمت فقط ثم تقبل الأحكام النهائية، والفاجعة الآن أن المربي هو الشاشة السوداء، من تلفزيون وآيباد وانترنت وألعاب اليكترونية، يبرمجها أكابر مجرميها من خبراء تدمير النفس، وأحتاج لأب متدرب على تربية مراهق في عصر الإليكترونيات،وبيئات مليئة بكل ماتتخيله ومالاتتصوره، لست ببدع في هذا الكون، فأنا مشتق من أبائي وأجدادي، ولست مراهق بلا جينات.

وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه عباس شرقاوي.