لنهربَ إلى ظهرِ غيمةٍ
لنهربَ إلى عمقِ البحرِ
إلى صفحةٍ منسيّةٍ في كتابٍ قديمٍ.
من الظلامِ إلى الظلامِ
بحثًا عن النورِ، وما الظلامُ إلا انعدامَ النورِ
فما النورُ يا تُرى؟
إلى حلمٍ بعيدِ المنالِ
إلى ذكرى تهدهدُ الخيالَ
إلى لحنٍ شاردٍ في ليلٍ بهيمِ.
من الصمتِ إلى الصمتِ
نستجدي صدىً، وما الصمتُ إلا فناءَ الكلامِ
فما الصدى يا تُرى؟
إلى وهجِ سرابٍ لامعِ
إلى رجعِ صدىً في وادٍ واسعِ
إلى قصةٍ لم تُروَ بعدُ في عالمٍ غريبِ.
من الوحدةِ إلى الوحدةِ
نبحثُ عن أنيسٍ، وما الوحدةُ إلا غربةَ الروحِ
فمن الأنيسُ يا تُرى؟
إلى ظلٍّ يلاحقُ خطواتِنا
إلى سرٍّ يكمنُ في نظراتِنا
إلى وعدٍ معلّقٍ بين الشفاهِ.
من الخوفِ إلى الخوفِ
نرتجي الأمانَ، وما الخوفُ إلا قيدَ الوهمِ
فأين الأمانُ يا تُرى؟
إلى دمعةٍ حبيسةٍ في الأجفانِ
إلى ابتسامةٍ تولدُ بين الأحزانِ
إلى مركبٍ تائهٍ في عرضِ المياهِ.
من الضياعِ إلى الضياعِ
نسعى للهدايةِ، وما الضياعُ إلا فقدانَ الاتجاهِ
فأين الهُدى يا تُرى؟
إلى نبضٍ خافتٍ في العروقِ
إلى شروقِ شمسٍ بعد الغروبِ
إلى كلمةِ حقٍّ في وجهِ الباطلِ.
من الضعفِ إلى الضعفِ
نستمدُّ القوةَ، وما الضعفُ إلا استسلامَ الإرادةِ
فمن القوةُ يا تُرى؟
إلى زهرةٍ نبتتْ في الصخرِ
إلى ومضةِ أملٍ في قلبِ الكدرِ
إلى أغنيةٍ عذبةٍ في سكونِ الليلِ.
من اليأسِ إلى اليأسِ
نتشبثُ بالرجاءِ، وما اليأسُ إلا موتَ التفاؤلِ
فأين الرجاءُ يا تُرى؟
إلى نجمٍ ساطعٍ في السماءِ
إلى حكايةٍ ترويها المساءُ
إلى مرفأٍ آمنٍ بعد طولِ السفرِ.
من التعبِ إلى التعبِ
نطمحُ للراحةِ، وما التعبُ إلا ضريبةَ الحياةِ
فأين الراحةُ يا تُرى؟
إلى همسِ العاشقينِ في الظلالِ
إلى بريقِ عينينِ تائهتينِ في الجمالِ
إلى رسالةٍ لم تصلْ بعدُ إلى المرسلِ.
من الشوقِ إلى الشوقِ
ننتظرُ اللقاءَ، وما الشوقُ إلا لهيبَ الوجدانِ
فمتى اللقاءُ يا تُرى؟
إلى صمتِ المقابرِ العميقِ
إلى حنينِ المسافرِ الغريقِ
إلى سؤالٍ بلا جوابٍ في هذا الكونِ الفسيحِ.
من الفناءِ إلى الفناءِ
نبحثُ عن معنىً، وما الفناءُ إلا نهايةَ البدايةِ
فما المعنى يا تُرى؟