رقصة الوردة السماوية اللون..
(1)
الأن فقط اكتشفت عشق عيناي لذلك اللون، رغم أني بالأمس القريب لم أكن أعيره أي اهتمام، مثله عندي كمثل أى شىء تعودت على وجوده، واكتشفت معه ما هو أهم من ذلك بكثير.
مرور تلك الوردة أمامي، بثوبها السماوي اللون المزركش بالثلج، أثار حفيظتى لأشياء عديدة، منها مثلا احتقاري للإناث، أو بالحق محاولتي الدائمة احتقارهم، والتي جعلتني أبدو صادقًا أمام نفسي ذاتها في هذا الاحتقار، حتى أننى أشعر الأن بأننى أكذبكم القول فى ذلك التبرير السابق.
مرورها هذا جعل تلك العضلة بجسدى تنتفض برعشة هزت كيانى، وحطمت كل الأقفال الفولاذية التي عمدت على صناعتها سنوات عديدة، لأكتشف أن لتلك العضلة إستخدام أخر غير التى استخدمتها فيها من قبل.
****
(2)
وقعت عينى عليه فارتعدت فرائصي من نظراته، و تجمدت من الخوف. لماذا ينظر الى غريب الأطوار هذا، هكذا ؟!.
يساور عقلى انطباع بالتوجس من هذه العيون الجاحظة المرتبكة الناظرة الى جسدى، لابد وأن غريب الأطوار هذا لايحمل فى جعبته إلا السوء، لابد وأنه شرير متبلد الحس والمشاعر.
حاولت جاهدة أن أصرف انتباهى عنه حتى اتمالك احساسى بالرعب، لكن بلا فائدة، فهو يبدو لى ككلب مسعور يلهث وراء فريسته، اشتدت سرعة أنفاسي - بداخلي طفلة مرتعبة تركض مسرعة - بشكل غريب، فى تلك اللحظة بالذات أسرعت فى خطوى محاولة تمزيق نظرة عينه من جسدى .
(3)
كيف لتلك العضلة بجسدى أن تنبض ثانية، متجاهلة جدران القواعد الحصينة التي رسختها لحجبها عن ذلك الشعور.
تناثر حطام الأقفال الفولاذية مفتتا، وهرب قلبى نابضا بذلك الشعور المقدس من جديد.
عيناها ملاكان يسكبان بداخلى نهرا من المشاعر، احاول مراقبة خطواتها بين المارين، لابد وان لديها موعد هام، فهى تسرع الخطى بشدة.
هل أركض وراءها لأخبرها بأنني عشقتها فى نظرة ؟!. سيبدو ذلك لها ضرب من الجنون، وستنعتنى بالسفه، لا ريب فى ذلك، فهل لرجل مثلى بلغ الخمس عقود أن يوقف فتاة عمرها بضع وعشرون عام فى الشارع ليبلغها بأنه عشقها من الوهلة الأولى ؟!. ياله من عته.
تصلبت اطرافى وتخبطت مشاعرى حتى اختفت عن عيناي ، واكتفيت لنفسى بالبهجة والحياة التى أضفتها على بمرورها.
انا الأن ممتن لها كثير، لأنها حررت بى شعور، أبقيته مقيدا منذ زمن طويل .
(4)
لامست هدوء الليل قبل أن يطل من شباك السماء بثلاث ساعات، ذلك لأنني ابتعدت عن ذلك الرجل الفظ ما يكفى لفهد أن يعدو أكثر من خمس دقائق.