هذا البحث يتطرّق إلى مراحل تاريخية معيّنة، نعتقد أنّها ذو صلة وثيقة بِبَلْوَرَةِ المنظومة الفكرية والإيديولوجية التي أسّست لإندلاع الثورة التحريرية الكبرى سنة 1954، ممّا جعلنا مُصِرّين على عدم إهمال تلك المسيرة الجهادية الطويلة التي بدأت منذ الوهلة الأولى للإحتلال الفرنسي.
والحقيقة أنّ هذه المسيرة لم تكن مُختصّة بمرحلة معيّنة، وإنّما هي تختزل مجموعة من المراحل التاريخية، تتقاطع عندها مجموعة من الثورات والإنتفاضات التي تكاد تكون مُوَّحَدَة.
لأجل ذلك رَكزتُ جهدي في هذا البحث على التاريخ الحديث الذي عرف نشأة الدولة الجزائرية في حدودها الحالية وفي بنيّتها الحاضرة، حيث ظلّت راية الجهاد والمقاومة خفّاقة مرتفعة في وجه الإحتلال الفرنسي الغاشم.
فقد عرفت الجزائر الحديثة أبشع إحتلال إستيطاني من قِبَل فرنسا الإستعمارية، والذي كانت أسبابه الواقعية مغلّفة بأسباب واهية لتبرير الإحتلال ونهب ثروات البلاد. الأمر الذي جعل الأرض الجزائرية تتحوّل إلى بركان من الثورات والإنتفاضات الشعبية التي إندلعت في وجه هذا الإحتلال، بَدْءًا بمقاومة الأمير عبد القادر الجزائري، ومُرورًا بالثورات والإنتفاضات الشعبية التي لم تهدأ، وإنتهاءًا بالثورة التحريرية المُظَفَّرَة.