بحث حول دور الإسلام وأثره على أحداث الحركة الوطنية وثورة التحرير الجزائرية

تفاصيل العمل

هذا البحث يتناول المراحل التاريخيّة التي تَتَقاطع عندها الحياة العامّة والخاصّة لشخصيّات جزائرية عايشت الحقبة الاستعمارية في الجزائر، والتي نرى مِن منظورنا أنّها تُمَثلُ أكثر مِن غيرها الوُجوه التي تَلَوَّنَ بها الإسلام في الجزائر عبر هذا التاريخ النِّضالي الطويل الذي دام أكثر مِن قَرن، حيث نعتقد أنّ الإسلام كان بِمثابة المُحَرِّك لهذا النّضال طوال عقود الاحتلال الفرنسي.

لِأجل ذلك رَكَّزْتُ جُهدي في هذا البحث على التاريخ الحديث الذي عَرَفَ نُشوء الدَّوْلة الجزائريّة في حدودها الحاليّة وفي بُنْيَتِهَا الحاضرة، حيث ظَلَّت راية الإسلام خَفَّاقَةً مُرْتَفِعَة.

فَقد عَرَفَت الجزائر الحديثة الإسلام الجهادي مِن خلال ثورة الأمير عبد القادر ضدّ الاحتلال الفرنسي في بدايات القرن التاسع عشر، وما تبعها مِن ثورات مُتتاليَّة انتهت بالثورة التحريريّة الكُبْرى في مُنتصف القرن العشرين. كما عرفت أَيْضًا الإسلام السياسي ـ بمعنى: مُمارَسَة النّشاط السياسي على أساس الثوابت الدِّينيّة ـ، وذلك مِن خلال تجربة الأمير خالد، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري، والتي امْتَدَّت مِن مَطلع القرن العشرين وحتى فجر الاستقلال.

وعَرَفَت الجزائر أَيضًا أَوَّل انْدِماج ناجح بين القوميّة العربيّة والإسلام ـ الإسلام القومي ـ، مِن خلال التجربة الرّائدة التي قادها مِصالي الحاج.

وَأَخيرًا عُرِفَ ما يُسَمَّى بالإسلام الإصلاحي مع جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريِّين التي أسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس في بداية ثلاثينيّات القرن العشرين، والتي جعلت مِن الثقافة والفكر طَريقًا لِلنّضال السِّياسي، وَإِنْ كان ذلك بشكل غير مباشر.

مِن هنا رَأَيْنَا أَنَّه لاَبُدَّ مِن التطرّق إلى تلك الوُجوه المُختلفة والمُتنوِّعة التي كان لها أبلغ الأثر في تكوين الشخصيّة الجزائريّة ثَقافيًّا وفِكرِيًّا ونَفسيًّا، وما تَرَكَتْهُ مِن آثار فِكريّة وسياسيّة وجهاديّة عَلى الحركة الوطنيّة وثورة التحرير عام 1954م.