مقال في مجال cyberpsychology عن تأثير النقرات الداعمة (like) على السلوك الانساني

تفاصيل العمل

منذ عصر الانسانية الأول كانت الروابط الاجتماعية والحفاظ عليها من مزايا البقاء على قيد الحياة الانجابية والأساسية ، ثم على مر الاف السنين تجسّدت الحاجة للعلاقات الانسانية بعُمق في نفس الانسان وكما يسُد باقي احتياجاته تمكن من ابتكار أدوات وتقنيات قادرة على إشباعها. ومع العصر الحديث وانشغال الانسان بذاته وابتكار التقنيات لارضاء نفسه ومع ضعف الروابط الانسانية وقلة العلاقات المثمرة وقوة متطلباتها من الالتزام والتواجد والجدية والمسؤلية والبذل ، جعل ذلك الكثيرين يفرون الى ساحات افتراضية .. هناك حيث يراك العالم ويسمعك ويصفق لك وربما يدعم كلماتك ، ينشرها ، ويتعصب لها.

لمعت وسائل التواصل الاجتماعي على الساحة منذ فترة قصيرة الا أن تأثيرها كان كبيرًا، حيث أصبح الوقت المستهلك فيها جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ، وخلال سنوات عدة تغيرت الطريقة التي نتواصل بها مع الناس ، والطريقة التي نستهلك بها الأخبار ، والطريقة التي نروج بها لأنفسنا. وفّرت منصات التواصل الاجتماعي فرصاً اجتماعية فريدة خاصة للأفراد الذين يعانون من صعوبات التواصل وايجاد تفاعلات اجتماعية حقيقية ومُرضية على أرض الواقع، سواء كانت صعوبات التفاعل وجها لوجه ناتجة عن مخاوف القلق الاجتماعي ، سوء التصرف، قلة الخبرة أو بسبب وصمة اجتماعية لعيب في شكله أو سلوكه أو ماضيه.

قدمت منصات التواصل الاجتماعي وسيلة امنة لعرض أفكارك من وراء حجاب ، قد تشعر معها أنك أقل قلقاً ، أكثر قبولاً ، أكثر جاذبية وربما أكثر سحراً. وقد تمنحك نقرة واحدة بشكل متكرر -على سبيل المثال- نقرة الاعجاب (like, +1) الدعم الاجتماعي الذي تحتاجه نفسك البشرية . تأثير هذه النقرة على النفس البشرية وسلوكها الانساني كان موضوع البحث والدراسة لسنوات عدة لاستكشاف الجانب المظلم لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي.

تمثل النقرة الداعمة (الاعجاب) أحد العوامل الرئيسية لجذب انتباه الناس على منصات التواصل الاجتماعي نظراً لقوتها المجازية أو الافتراضية ، حيث تُترجم في عقول المستخدمين كعلامة على الموافقة الاجتماعية.

تشير دراسات علماء النفس الحديثة أن الناشر على منصات التواصل الاجتماعي عادة ماينتظر تفاعل شريحة بعينها هي المستهدفة بالنشر وتفاعلها بالعدد المطلوب عن طريق النقرة الداعمة (الاعجاب) يغذي لديه شعور احترام الذات ، وتكرار التفاعل بهذه الصورة وهذا الكم يؤدي الى دخول الناشر في حلقة مفرغة من الرغبة في النشر ليلقى الاعجاب والاستحسان فيشعر باحترام الذات ، ومع مرور الوقت في هذه الحلقة المفرغة يصاب الناشر بشيء من الهوس أو ادمان الاعجاب فيصبح النشر لتلقي الاعجاب من نشاطه اليومي الذي لايستطيع تجاوزه او الاستغناء عنه. يغذي عدد النقرات الداعمة (الاعجاب) شعور احترام الذات والاحساس بالاستحقاق ثم بعد فترة من الاعتياد يأتي الشعور بالفوقية والتعالي والاستعراض فتجد الناشر يتحدث مع متابعيه كمن يتحدث من فوق منبره ، مع شعور دائم بالخوف من فقدان التأثير على منصات التواصل أو فقد المتابعين يدفعه ذلك الشعور الى أفعال قد تبدو غريبة أو مُستهجنة لضمان استمرار متابعته ولجلب متابعين جُدُد كارتداء الفتيات الملابس الغريبة أو الفاضحة أو العمل على التصوير في أماكن غريبة لايتسنى للعامة زيارتها أو نشر الحديث المثير للجدل حتى وإن أخل بمبادئ الناشر أو بمعتقداته .

كان هذا تأثير النقرات الداعمة على سلوك الناشر وتفكيره اللاواعي بينما أثرها على المتابعين يتراوح من الغيرة الى الشعور بأنهم أقل مما ينبغي حيث لاتمتلئ حيواتهم بالأحداث المثيرة والصور المميزة . يأتي الشعور بالاكتئاب في المرتبة الثالثة بين المتابعين حين يتصور المتابع أنه محاط بالناجحين ذوي المظهر البرّاق وأنه الوحيد الذي يواجه الفشل، ويأتي الشعور بالوحدة في المرتبة الرابعة . ينبع التأثيرالسلبي على المتابعين من مقارنة أنفسهم بالنموذج الذي يتلقى الكثير من النقرات الداعمة (الاعجاب) وهو مايعرف بنظرية المقارنة الاجتماعية لتقييم الذات.

ويكمن التأثير الأسوأ في غياب أو قلة النقرات الداعمة أنه يُهدد الاحساس بالانتماء واحترام الذات ، ويُعزز الاحساس بالنبذ والتجاهل، ويُفزع احتياج الانسان لأن يكون مسموعاً وصاحب رأيّ وأثر ، ويثير في نفسه الضيق لتصوره أنها اشارة للاستبعاد الاجتماعي.

يدرس علماء النفس هذا التأثير على نطاق واسع تحت مسمى (الاقصاء الاجتماعي) بِشِقّـيْـه الرّفض والنّـبذ . يتمثل الرفض حين يعطيك أحدهم معلومة واضحة وصريحة بأنك غير مرغوب أو لست ذو قيمة في هذه العلاقة ، ويتمثل النبذ في التجاهل والاستبعاد من الاخرين ولكليهما نتائج فيسيولوجية ونفسية سلبية.

بطاقة العمل

اسم المستقل Sara H.
عدد الإعجابات 1
عدد المشاهدات 194
تاريخ الإضافة