هذا المشروع البصري هو رحلة داخل ملامح الدار البيضاء، المدينة التي عشتها كمساحة متداخلة بين الذاكرة والحاضر. أردت أن أترجم المدينة ليس كصورة ثابتة، ولكن كحوار مستمر بين ماضيها العريق، حاضرها النابض، ومستقبلها الذي يتشكل أمامنا.
اختياري لبناء كلمة CASABLANCA من عناصر معمارية لم يكن اعتباطياً. القوس التقليدي هو مفتاح عبور نحو التاريخ والأسواق العتيقة التي تحتفظ بروح المدينة الأولى. مئذنة مسجد الحسن الثاني هي البعد الروحي والقدسي، الذي يظل يرافق الدار البيضاء مهما تبدلت ملامحها. أما الأبراج الزجاجية الحديثة فهي انعكاس لحلم مدينة تنفتح على العالم، وتعيد تعريف نفسها كعاصمة اقتصادية وثقافية.
بالنسبة لي، الحروف هنا لم تعد مجرد لغة مكتوبة، بل تحولت إلى رموز معمارية تعكس هوية المدينة. كل حرف يروي طبقة من تاريخها، وكل عنصر بصري يحكي عن زمن مرّ وترك أثره. أردت أن يكون التصميم بمثابة فسيفساء حية، حيث تتجاور الحضارات وتتداخل الأزمنة دون أن تُلغي بعضها البعض.
هذا العمل ليس فقط احتفاءً بالدار البيضاء، بل هو أيضاً تأمل في معنى الهوية الحضرية: كيف تتشكل المدن؟ كيف تحتفظ بذاكرتها رغم التحولات السريعة؟ وكيف يمكن للفن أن يعيد صياغة سردية مدينة عبر دمج الحروف بالعمران؟
الدار البيضاء بالنسبة لي مدينة تشبه البحر الذي يجاورها: متغير، متناقض، لكنه في النهاية يحتضن كل شيء، ويظل مفتوحاً على الأفق.