تحت القمر المكتمل، كان الليل يزحف بثقله على الأرض. الضباب يلتف حول الصخور، والهواء مشبع بصرخات الغربان التي لا تنقطع. على الحافة العالية، وقف الصياد وحده، مشعله يتراقص في يده، وسيفاه متقاطعين على ظهره كأنهما وعد بالدم. في يده الأخرى، كان الظلام يختبئ… لكنه لم يكن فارغًا، بل يخبئ ضوءًا ينتظر أن يولد.
في الوادي أمامه، تحركت الظلال.
الـ Leshen بجذوره المتشابكة يخطو ببطء، يضرب الأرض فيتشقّق الصخر وتخرج منه أشجار ملتوية كأنها جدران من غابة مسحورة.
الوحش الرباعي القوائم خفض رأسه، أنفاسه ثقيلة ساخنة، ثم رفعها ببطء وأطلق زئيرًا اخترق السكون، فاهتزت الصخور من تحته.
وفي عمق الضباب، كيان شاحب بدأ يتضح… ضوء خافت يتسلل من داخله، كأن الضباب نفسه وُلد ليخدمه.
لكن فوق كل هذا، في السماء، لم يكن المشهد طبيعيًا.
الغيوم نفسها تشكّلت لتُظهر وجهًا عظميًا هائلًا، عيناه جمراوان تشتعلان من بعيد. لم يكن جسدًا حقيقيًا، بل انعكاس لقوة مظلمة، تجلٍّ للشرير الذي يقف وراء كل هذه الكائنات.
هو ليس مجرد وحش… بل السيد، الذي يحرّكهم جميعًا بخيوط خفية.
وجوده في السماء لم يكن حضورًا جسديًا، بل إعلانًا صامتًا أن هذه الأرض ملكه، وأن الصياد لم يواجه وحوشًا فقط… بل إرادة شر أزلي.
ومع ذلك، عينه لم تفارق الهدف…
خلف هذه الكائنات جميعًا، وعلى البعد في الشمال، ارتفعت أطلال قلعة كارموهين. جدرانها العتيقة تلمع ببرودة تحت ضوء القمر، شامخة رغم الخراب، كأنها ملاذ أو قدر ينتظره.
كان عليه أن يصل إليها مهما كلف الأمر.
فكارموهين ليست مجرد قلعة، بل المكان الوحيد الذي يمكن أن يحسم فيه هذه الحرب.
رفع المشعل أمامه، والنار اشتعلت فجأة بسطوع أعنف، بينما يده الأخرى انفتحت ليولد منها ضوء ساطع اخترق العتمة.
لم يكن الطريق سهلًا، لكنه لم يعد هناك خيار آخر.
إما أن يشق طريقه عبر الظلام… أو يبتلعه.