مسرحية (ثوب الإمبراطور) طبيعية النص وبنيته الأرسطية

دراسة نقدية تحليلية :

مسرحية (ثوب الإمبراطور) من خلال مفهوم وهدف المسرح الأرسطي، وسمات مدرسة الطبيعة.

لقد استطاع الكاتب المسرحي (عبد الغفار مكاوي) أن يجمع في نصه (ثوب الإمبراطور) بين مفهوم التراجيديا الأرسطي ومفهوم الملهاة، فقد مزج بين المأساة والملهاة في مسرحيته بشكل بارع، فقد كتب مسرحيته عاكسًا من خلالها وضعًا اجتماعيًا وسياسيًا فاسدًا في فترة النكسة، وهو بذلك قدم لنا من خلال شخصية (المهرج) سخرية مضحكة مبكية، فالمهرج ساخط على الإمبراطور يسخر من جهله وغياب بصره وبصيرته، وفي نفس الوقت يترك مهنته ويتخفى في زي المهرج حتى لا يُطالب بصناعة ثوب للإمبراطور قد يؤدي في النهاية لقطع رأسه، فهو هنا ينقل الواقع بدون زخرفة، واقع من واقع وطبيعة المجتمع الذي تتشكل طبقاته ومقدراته بحسب أهواء الحاكم، فيجمع في شخصيته بين المأساة المحزنة والملهاة الساخرة، وهو في ذلك يُقدم لنا أنموذجًا دراميًا متكاملاً متأثرًا برؤية أرسطو للمأساة أو التراجيديا، حيث يُعرِّف أرسطو التراجيديا بأنها: "هي محاكاة لفعل جاد تام في ذاته، له طول معين في لغة ممتعة لأنها مشفوعة بكل نوع من أنواع التزين الفني، كل نوع منها يمكن أن يَرد على انفراد في أجزاء المسرحية، وتتم هذه المحاكاة في شكل درامي لا في شكل سردي وبأحداث تُثير الشفقة والخوف، وبذلك يحدث التطهير من مثل هذين الانفعالين، وأعني هُنا باللغة الممتعة، اللغة التي بها وزن وإیقاع وغناء وأقصد بقولي يمكن أن يرد على انفراد في أجزاء المسرحية، أن بعض الأجزاء يُعالج باستخدام الشعر وحده، وبعضها الآخر باستخدام الغناء" ، وللتعريف عنصران أساسيان: أولهما: المحاكاة، ويُقصد بها التمثيل أو التشخيص، أي: اتخاذ نفر من الناس لشخصيات أو سمات أو ذوات غيرَ شخصياتهم أو سماتهم أو ذواتهم، والثاني: الفعل، وتظهر مهارة الكاتب في إلقاء الضوء على جوهر الفعل أو الحدث، ويُقرر أرسطو أن هذا الفعل لابد أن يكون جليلاً عظيماً؛ لتحتفظ التراجيديا بما يسمى "الجلال التراجيدي"، ويأتي الجلال من جوانب عدة منها: اختيار الموضوع، وانتخاب الشخصية المحورية، ودقة تركيب الحدث، واللغة، وكل هذه الجوانب استطاع الكاتب تحقيقها فلو تأملنا الشخصية المحورية في المسرحية سنجد أنها شخصية المهرج الذي يـُمثل شخصية الإنسان الواعي الرافض للظلم والهارب من البطش والقهر، بينما تميزت المسرحية بدقة التراكيب، وتميز الحدث كذلك بالتتابع المنطقي المتتالي لخدمة الحبكة.