علم الأحياء / الصحة العامة / الطب

مقدمة

يُعد مرض فقر الدم (Anemia) من أكثر الأمراض الشائعة حول العالم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُعاني منه أكثر من 1.8 مليار شخص، ويشكل خطرًا خاصًا على الأطفال، النساء الحوامل، وكبار السن.

فقر الدم ليس مرضًا بحد ذاته، بل عَرَضًا يدل على خلل في الجسم، وغالبًا ما يكون ناتجًا عن نقص في عدد كريات الدم الحمراء أو انخفاض في تركيز الهيموجلوبين، مما يقلل قدرة الدم على نقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم.

يهدف هذا البحث إلى توضيح مفهوم فقر الدم، أنواعه، أسبابه، أعراضه، طرق التشخيص، خيارات العلاج، وأهمية الوقاية منه.

ما هو فقر الدم؟

فقر الدم (Anemia) هو حالة طبية تحدث عندما:

ينخفض عدد كريات الدم الحمراء في الدم، أو

ينخفض مستوى الهيموجلوبين (Hemoglobin) في الدم.

الهيموجلوبين هو البروتين الموجود في كريات الدم الحمراء، ووظيفته نقل الأكسجين من الرئتين إلى باقي أعضاء الجسم، ونقل ثاني أكسيد الكربون عائدًا إلى الرئتين.

عند انخفاض الهيموجلوبين، لا تحصل خلايا الجسم على كمية كافية من الأكسجين، مما يؤدي إلى التعب، الشحوب، وضيق التنفس.

المستويات الطبيعية للهيموجلوبين:

الذكور البالغين

13 – 17

الإناث البالغات

12 – 16

الحوامل

11 – 15

الأطفال

11 – 13

إذا كان الهيموجلوبين أقل من هذه القيم، يُشخص فقر الدم.

أنواع فقر الدم

يوجد أكثر من 400 نوع من فقر الدم، لكنها تنقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

1. فقر الدم الناتج عن فقدان الدم

يحدث بسبب النزيف الحاد أو المزمن.

أمثلة:

نزيف داخلي (مثل قرحة المعدة).

الدورة الشهرية الغزيرة عند النساء.

إصابات أو جروح.

2. فقر الدم الناتج عن تدمير كريات الدم الحمراء (الانحلال)

تُدمر كريات الدم الحمراء بسرعة أكبر من إنتاجها.

أسبابه:

أمراض وراثية (مثل فقر الدم المنجلي).

بعض الأدوية.

أمراض المناعة الذاتية.

3. فقر الدم الناتج عن قلة إنتاج كريات الدم الحمراء

وهو الأكثر شيوعًا، وينقسم إلى:

فقر الدم الناتج عن نقص الحديد

الأكثر شيوعًا، بسبب سوء التغذية أو النزيف

فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين B12 أو حمض الفوليك

ضروريان لتكوين كريات الدم الحمراء

فقر الدم اللاتنسجي

توقف نخاع العظم عن إنتاج كريات الدم

فقر الدم المرتبط بالأمراض المزمنة

مثل الفشل الكلوي، السرطان، الروماتويد

أسباب فقر الدم

تختلف الأسباب حسب النوع:

نقص الحديد

بسبب نقص تناول اللحوم، الدورة الشهرية، الحمل، أو النزيف

سوء التغذية

قلة تناول الأطعمة الغنية بالحديد، B12، أو الفولات

الحمل

زيادة حاجة الجسم للحديد

أمراض المعدة

مثل التهاب المعدة أو استئصال جزء منها (يقل امتصاص B12)

أمراض مزمنة

الفشل الكلوي، السرطان، الالتهابات المزمنة

الأمراض الوراثية

فقر الدم المنجلي، الثلاسيميا

أعراض فقر الدم

تختلف الأعراض حسب شدة ونوع فقر الدم، ومن أبرزها:

التعب والإرهاق

بسبب نقص الأكسجين في الخلايا

شحوب الجلد والأظافر

خصوصًا في الوجه، الأغشية المخاطية، وباطن الجفن

ضيق التنفس

خاصة عند بذل مجهود

دوخة أو دوار

عند الوقوف المفاجئ

تسارع ضربات القلب (تسرع القلب)

يحاول القلب تعويض نقص الأكسجين

برودة الأيدي والأقدام

بسبب ضعف الدورة الدموية

ضعف التركيز والذاكرة

نقص الأكسجين في الدماغ

تقصف الأظافر وتقعرها (الظفر الملعقي)

في حالات نقص الحديد الشديد

طرق التشخيص

يتم تشخيص فقر الدم من خلال:

1. تحليل الدم الكامل (CBC – Complete Blood Count)

يقيس:

مستوى الهيموجلوبين

عدد كريات الدم الحمراء

حجم الكريات (MCV)

نسبة الهيماتوكريت

2. فحوصات متخصصة حسب النوع

فحص الحديد في الدم (Serum Iron)

لتشخيص نقص الحديد

فحص فيتامين B12 وحمض الفوليك

للكشف عن النقص الغذائي

فحص الـ Ferritin

لمعرفة مخزون الحديد في الجسم

فحص الشريط الكهربائي للهيموجلوبين

لتشخيص فقر الدم المنجلي أو الثلاسيميا

أنواع فقر الدم الشائعة بالتفصيل

1. فقر الدم بسبب نقص الحديد (Iron Deficiency Anemia)

الأسباب: نقص تناول اللحوم، الدورة الشهرية، الحمل، النزيف الهضمي.

العلاج: مكملات حديد، تغيير النظام الغذائي.

2. فقر الدم المنجلي (Sickle Cell Anemia)

مرض وراثي يُغير شكل كريات الدم الحمراء إلى هلال (منجل).

تسبب انسداد الأوعية الدموية وألم شديد.

شائع في بعض المناطق مثل إفريقيا والشرق الأوسط.

3. الثلاسيميا (Thalassemia)

مرض وراثي يقلل إنتاج الهيموجلوبين.

يحتاج المريض إلى نقل دم دوري.

4. فقر الدم بسبب نقص فيتامين B12 (Pernicious Anemia)

يحدث بسبب ضعف امتصاص B12 في الأمعاء.

يسبب أعراض عصبية مثل تنميل وارتعاش.

خيارات العلاج

يعتمد العلاج على نوع وسبب فقر الدم:

مكملات الحديد

تُستخدم في نقص الحديد، تؤخذ على معدة فارغة مع عصير برتقال (لزيادة الامتصاص)

فيتامين B12 وحمض الفوليك

عن طريق حقن أو أقراص

تغيير النظام الغذائي

زيادة تناول: السبانخ، العدس، اللحوم الحمراء، البيض، الكبد

نقل الدم

في الحالات الشديدة أو المزمنة (مثل الثلاسيميا)

علاج السبب الأساسي

مثل علاج النزيف، أو مرض مزمن

العلاج الهرموني أو الدوائي

للنساء ذوات الدورة الغزيرة

الوقاية من فقر الدم

يمكن الوقاية من معظم أنواع فقر الدم من خلال:

اتباع نظام غذائي متوازن

يحتوي على حديد، فيتامين C (يساعد على امتصاص الحديد)، B12، وفولات

الاهتمام بالتغذية خلال الحمل

تناول مكملات الحديد والحمض الفوليكي

الكشف المبكر

خاصة للنساء الحوامل والأطفال

تجنب الشاي والقهوة مع الطعام

لأنها تعيق امتصاص الحديد

الإبلاغ عن الدورة الشهرية الغزيرة

لعلاجها مبكرًا

الإحصائيات العالمية والمحلية

العالم: 1.8 مليار شخص يعانون من فقر الدم (WHO).

النساء الحوامل: 38% منهن يعانين من فقر الدم عالميًا.

الشرق الأوسط: معدل انتشار مرتفع بسبب نقص الحديد والأمراض الوراثية.

المملكة العربية السعودية:

25-40% من النساء الحوامل يعانين من نقص الحديد.

الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي من الأمراض المنتشرة في بعض المناطق.

الخلاصة

فقر الدم مرض شائع لكنه يمكن الوقاية منه وعلاجه في معظم الحالات.

يُعد نقص الحديد السبب الرئيسي، لكن هناك أسباب وراثية ومزمنة تتطلب رعاية طبية متخصصة.

من الضروري:

التوعية بأهمية التغذية السليمة.

الفحوصات الدورية.

التشخيص المبكر.

العلاج المناسب حسب السبب.

التغذية الجيدة، والكشف المبكر، هما المفتاح لمحاربة هذا المرض الذي يؤثر على جودة حياة الملايين.