الأحداث الجارية تعكس تنبؤات الأديان والحضارات القديمة، أهو زمن النهاية؟

تفاصيل العمل

"تسمعون بحروب وأخبار حروب… وتكون مجاعات وزلازل في أماكن كثيرة” (متى 24:6 – 7)

في عالم يتسارع فيه الزمن وتتوالى الأحداث بين كوارث طبيعية صراعات سياسية وتطورات تكنولوجية مذهلة يتساءل الكثيرون هل هناك خيط خفي يربط هذه الأحداث بنصوص كتبت قبل آلاف السنين ككاتب مهتم بالتاريخ وجدت نفسي أبحث في النبوءات الدينية والحضارية القديمة محاولًا فهم ما إذا كانت هذه الأحداث مجرد مصادفات أم إشارات لمستقبل تنبأت به كتب الأديان والحضارات.

في هذه المقالة أستعرض الأحداث الجارية وأربطها بنبوءات الأديان السماوية (اليهودية، المسيحية، الإسلامية) ثم أتناول النبوءات الحضارية الموثقة مع التركيز على ظاهرة الحر الشديد كمثال بارز

الأحداث الجارية؛ عالم على حافة التغيير؛

في السنوات الأخيرة، شهد العالم سلسلة من الأحداث المثيرة للقلق

الحر الشديد والكوارث المناخية

في 2024 سجلت درجات حرارة قياسية في أوروبا الشرق الأوسط وأمريكا حيث تجاوزت الحرارة 50 درجة مئوية في بعض المناطق مع حرائق غابات مدمرة في أستراليا وكاليفورنيا وفيضانات غير مسبوقة في آسيا وأوروبا

الصراعات السياسية

التوترات في الشرق الأوسط خصوصاً الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تصاعدت في 2023–2024 مع احتدام التوترات بين القوى العالمية في أوكرانيا ومناطق أخرى.

التقدم التكنولوجي

الذكاء الاصطناعي أصبح يتحكم في جوانب حياتنا اليومية من اتخاذ القرارات الاقتصادية إلى التأثير على السياسة والإعلام

هذه الأحداث دفعت الكثيرين إلى التساؤل هل هناك نبوءات تنبأت بهذا المستقبل؟! دعونا نستعرض النبوءات الدينية مرتبة من الأقدم إلى الأحدث

اليهودية

اليهودية كأقدم الديانات الإبراهيمية تحتوي على نبوءات في التوراة تتحدث عن أحداث نهاية العالم؛

النبي إرميا (القرن السابع قبل الميلاد) تنبأ بفترة من الفوضى تسبق العصر المسياني

“ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقاً وعدلاً في الأرض” (إرميا 23:5)

“ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض” (إشعياء 11:12)

كما تحدث النبي زكريا (القرن السادس قبل الميلاد) عن تغيرات بيئية وصراعات عالمية؛

“ويكون في ذلك اليوم أني أجعل أورشليم حجراً ثقيلاً لجميع الشعوب… وأجمع كل الأمم على أورشليم للحرب” (زكريا 12:3)

الربط بالحر الشديد؛ النبي يوئيل (القرن الخامس قبل الميلاد) تحدث عن تغيرات مناخية كارثية؛

“الشمس تتحول إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يأتي يوم الرب العظيم المخوف” (يوئيل 2:31)

هذه الآية يمكن ربطها بظاهرة الحر الشديد والتغيرات المناخية التي تؤثر على السماء والأرض

المسيحية

في العهد الجديد تحدث النبي يوحنا في سفر الرؤيا (القرن الأول الميلادي) عن أحداث نهاية الزمان؛

“وكان زلازل عظيمة والشمس صارت سوداء كمسح من شعر والقمر صار كالدم” (رؤيا 6:12)

“وأعطي الناس أن يموتوا بحر الشمس فاحتدم الناس احتداماً عظيماً” (رؤيا 16:8–9)

كما تحدث يسوع المسيح عن صراعات وكوارث؛

“تسمعون بحروب وأخبار حروب… وتكون مجاعات وزلازل في أماكن كثيرة” (متى 24:6–7)

الربط بالحر الشديد؛ آية رؤيا 16:8–9 تصف بوضوح تأثير الحرارة الشديدة على البشر مما يمكن ربطه بالموجات الحارة القياسية في 2024

الإسلام

في الإسلام، تعرض نهاية العالم كنبوءة حتمية، وليست احتمالاً نظرياً، وقد وردت عشرات الأحاديث والآيات التي تشير إلى علامات الساعة، منها ما يتعلق بالحر، والزمن، والتغيرات البيئية.

“يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه حر شديد، حتى تلتهب الأرض تحت أقدامهم” (مسند أحمد، حديث 6921) (حديث ضعيف، لكنه يؤيده المعنى العام في أحاديث أخرى)

وفي حديث آخر؛ “لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان” (رواه البخاري ومسلم)

“تقارب الزمان” فسره بعض العلماء بأنه تسارع الزمن واختصاره، وهي ظاهرة يلاحظها الناس في السنوات الأخيرة، خاصة بعد 2020.

أما الآيات القرآنية، فتصف أيضاً مشاهد تغيرات كونية قد تفهم كرمزية لانهيارات مناخية أو فلكية؛

“وإذا البحار سجّرت” – (التكوير: 6)

فسر كثير من المفسرين “سجرت” بأنها أضرمت ناراً أو اشتدت حرارتها، ما فسره بعض العلماء المعاصرين بأنه انفجار بيئي أو تغيّر حراري شديد في المحيطات، وهو ما تحذر منه تقارير المناخ الحديثة.

وقد يكون الزلزال العنيف الذي ضرب شرق البحر المتوسط في يوليو 2025 – وأثار تحذيرات من “نشاط جيولوجي مقلق تحت قاع البحر” أحد تجليات هذا التغير.

“وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ” – (الانفطار: 2)

أي تفرقت وتبعثرت، في تصوير مرعب لانهيار نظام الكواكب، يتقاطع مع ما تتحدث عنه نظريات الانهيار الكوني أو اضطراب المحاور المدارية

النبوءات الحضارية؛

إلى جانب النبوءات الدينية تحدثت بعض الحضارات القديمة عن تغيرات بيئية واجتماعية كبرى؛

الحضارة المصرية القديمة

في بردية إيبوير (حوالي 2000 ق.م) وصفت حالة من الفوضى المناخية والاجتماعية؛ “النهر جف والأرض تحترق والناس يتضورون جوعاً”. هذه النبوءة تشبه الكوارث المناخية الحالية بما في ذلك الحر الشديد

بردية إيبوير مكتوبة بالخط الهيراطيقي

بردية إيبوير مكتوبة بالخط الهيراطيقي

حضارة المايا

تنبأت تقويمات المايا (حوالي 250–900 م) بانتهاء دورة زمنية في 2012 مع توقعات بتغيرات بيئية كبرى، على الرغم من أن 2012 لم تشهد نهاية العالم إلا أن العقد التالي شهد تصاعداً في الكوارث المناخية بما في ذلك الحر الشديد.

أبرز النقاط حول تنبؤات المايا…

نهاية الدورة الطويلة؛

تقويم المايا الطويل ينتهي بعد حوالي 5126 سنة من تاريخ 11 أغسطس 3114 قبل الميلاد، وهو ما يوافق 21 ديسمبر 2012، وهو نهاية حقبة وليست نهاية العالم… هو نهاية حقبة زمنية معينة وبداية حقبة، دورة جديدة وليست نهاية… كان يعتقد شعب المايا بوجود دورات زمنية مستمرة، وأن نهاية دورة تعني بداية دورة أخرى، وليست نهاية الكون.

يعتقد البعض أن المايا تنبأوا بنهاية العالم في عام 2012، لكن هذا غير صحيح ويعتمد على تفسيرات خاطئة لتقويماتها.

النبوءات الدينية والحضارية ليست مجرد تنبؤات بل دعوات للتأمل في أفعالنا… الأحداث تحمل رسائل؛ الكوارث المناخية والصراعات تدعونا لإعادة تقييم علاقتنا بالبيئة والبشرية

الإيمان والعقل متكاملان؛ النبوءات تشجعنا على استخدام العقل لفهم العالم

الأحداث الجارية من الاحتباس الحراري إلى الصراعات والتطورات التكنولوجية تحمل أصداء النبوءات القديمة سواء كنت مؤمن بهذه النبوءات أو تراها مصادفات فإنها تدعونا للتفكير في مسؤوليتنا تجاه العالم.

هل ترى هذه الأحداث إشارة إلى المستقبل، أم مجرد تقلبات الزمن؟!

المصادر:

التوراة: إرميا 23:5، إشعياء 11:12، زكريا 12:3، يوئيل 2:31

الإنجيل: رؤيا 6:12، 16:8–9، متى 24:6–7

القرآن الكريم: الزلزلة 99:1، القمر 54:1

الأحاديث: صحيح البخاري 7092، صحيح مسلم 2671، مسند أحمد 6921

بردية إيبوير: المتحف الوطني الهولندي (ليدن هولندا)

تقويم المايا: كتب "تشيلام بالام"

إذا أعجبك المحتوى أشترك فى المدونة ليصلك كل جديد، وشاركني رأيك في التعليقات.

هذا المقال متوفر باللغة الإنجليزية،

شكراً

بطاقة العمل

اسم المستقل
عدد الإعجابات
0
عدد المشاهدات
7
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز
المهارات