عندما لم يعد العقل ملكاً لنا… كيف تسيطر التكنولوجيا!

تفاصيل العمل

هل الخطر الحقيقي هو الذكاء البشري!

في عام 1848، أصيب عامل سكك حديدية يدعى

فيـنـيـس غـيـج بقضيب حديدي اخترق جمجمته وخرج حياً، جسده نجا لكن شخصيته لم تنج، تحول من رجل متزن إلى شخص متهور، غير أخلاقي، غريب الأطوار

الطب قال حينها “العقل يتغير إذا تغير المخ”

لكن في عام 2025 لم نعد بحاجة لقضيب حديدي

كل ما نحتاجه هو اتصال إنترنت

نحن لا نعيش فقط في عصر التكنولوجيا بل نعيش تحت سيطرتها، هواتفنا تعرف عنا أكثر مما نعرفه عن أنفسنا، أفكارنا تتشكل خلسة من تنبيهات، عناوين، صور، تعليقات… نعيد تغليف رؤيتنا للعالم كل يوم دون أن نشعر كما لو كنا نحدث تطبيقاتنا الداخلية بصمت

والمفارقة؟! أننا نعتقد أننا “نفكر”، بينما كل ما نفعله هو استهلاك أفكار صيغت لنا مسبقًا

الأسئلة الحقيقية لم تعد “ماذا أفكر؟”

بل من يتحكم في بوابة أفكاري؟ ما الذي غير عقلي دون أن أدري؟ وهل ما زال عقلي… عقلي؟

في هذا المقال لن أقدم إجابات نهائية، بل سأدعوك لمرافقة تأمل صادق نمر فيه معاً عبر لحظات مفصلية من التاريخ، ومفترقات في الفلسفة وعلامات استفهام عن الإنسان، حين يعاد برمجته وهو لا يدري

البرمجة الهادئة؛ كيف تزرع الأفكار دون ضجيج…

لا شيء يغير الإنسان كما تفعل الأشياء التي لا يشعر بها، نحن لا نستيقظ يوماً ما ونقرر أن نرى العالم بشكل مختلف، التغيير الحقيقي لا يأتي بصوت، بل يأتي من داخل الروتين من التفاصيل الصغيرة التي تتكرر بما يكفي حتى تبدو عادية

مثال بسيط!

تفتح هاتفك صباحاً لتتفقد الطقس فترى إشعاراً لمقال “كيف تكون أكثر إنتاجية”، ثم يظهر إعلان لكتاب “التفكير السريع والبطيء”، ثم يقترح عليك تطبيق التأمل، ثم ترى صورة لصديق على الشاطئ يعمل عن بعد ويبتسم للشمس.

هل قررت أنت أن تفكر في “الإنتاجية” و”التأمل” و”الهروب من روتين العمل”؟

أم أن خوارزمية خفية أعادت ترتيب اهتماماتك بصمت؟

المشكلة ليست في التكنولوجيا، المشكلة في أننا لم نعد نميز بين “ما نريد أن نفكر فيه” و”ما صمم ليفكر بنا”

الصدمة!

في دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2018، وجد أن المستخدم العادي يتعرض يومياً لما يقرب من 74 ألف معلومة خلال استخدامه الرقمي، 74 ألف محاولة “تحكم” في رؤيتك.

وفي تجربة غريبة من شركة ميتا تم تعديل خوارزمية عرض المنشورات لـ 600 ألف مستخدم دون علمهم،

النتيجة… استطاع الباحثون التلاعب بمزاج المستخدمين فعلياً، جعلوهم أكثر سعادة أو أكثر حزناً بمجرد تغيير الترتيب.

هذا ليس فيلم خيال علمي، هذه حياتك الرقمية

أنت لم تعد تختار كيف تشعر… بل “تبرمج لتشعر”

فكرة مرعبة بصمت؛

كل فكرة تعتقد أنها “رأيك”… ربما تكون مجرد نتيجة لقرارات برمجية في غرفة اجتماعات لموظفين في (سيليكون ڤالي).

الخروج من المتاهة؛ هل يمكن استعادة العقل؟

في يومٍ ما استيقظت على إحساس مزعج، كأنني لم أعد أملك رأيا واضحا في أي شيء، كل الأفكار التي كنت أعتقد أنها “خاصة بي” بدت كأنني قرأتها في مكان ما… أو أنني “سمعت شخصا ذكيا يقولها”، فتبنيتها، بدأت أمارس الصمت… لا لأتأمل، بل لأفرغ ساحة الحرب داخل رأسي،

وحين يهدأ الضجيج ترى بوضوح أن معظم أفكارك… ليست أفكارك.

لحظة إدراك تكنولوجية؛

نحن لا نحمل هواتفنا… الهواتف هي التي تحملنا،

في عام 2023، أعلنت شركة أمازون أن مساعدها “أليكسا” يستطيع تمييز تغير نبرة الصوت عند التوتر أو الحزن،

وفي 2024، بدأت شركات الإعلانات فعليا بتخصيص إعلانات بناء على حالتك النفسية اللحظية.

فكر في هذا لوهلة!

هناك أنظمة تحدد متى تكون هشا، حزينا، ضعيفا… لتبيعك شيئا…

ربما لا نحتاج إلى ذكاء اصطناعي يفكر عنا…

" يكفي الذكاء البشري الذي نجح في إقناعنا بأننا لا نحتاج أن نفكر أصلاً "…

استعادة العقل ليست مقاومة للأجهزة بل مقاومة للتسليم الداخلي، أن تتعلم أن تفكر كما لو كنت وحدك في غرفة بلا إشعارات، بلا توصيات، وبلا عين خفية تعرف عنك أكثر مما تعرفه عن نفسك

هذا المقال متاح باللغة الإنجليزية

شكراً

بطاقة العمل

اسم المستقل
عدد الإعجابات
0
عدد المشاهدات
6
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز
المهارات