قصة قصيرة من الخيال

( طريق العابر الأخير )

في ليلةٍ يغمرها الضباب، قرر “سالم” أن يسلك طريقًا مختصرًا لم يعبره من قبل. كان عائدًا من العمل متأخرًا، والهاتف على وشك أن يُطفئه البطّاريّة. فتح خرائط الجوال، فظهر له مسارٌ غريب اسمه “طريق العابر الأخير”. لم يكن في الخريطة من قبل، لكنّه أقصر بعشرين دقيقة.

أدار المقود وسلك الطريق.

كل شيء بدا طبيعيًا… في البداية.

لكن مع أول ميل، لاحظ أن الراديو توقف فجأة، وأن كل إشارات الجوال اختفت. لا شبكة، لا GPS… ولا صوت إلا صوت محرك السيارة.

ثم بدأ الضباب يزداد كثافة. أصبحت الرؤية لا تتعدى المترين.

وفجأة، وسط الطريق، ظهرت فتاة ترتدي فستانًا أبيض، تقف ثابتة لا تتحرك، تنظر إليه مباشرة.

ضغط “سالم” على الفرامل بقوة حتى صرخت العجلات على الإسفلت.

عندما نزل من السيارة لم يجد أحدًا. لا فتاة. لا صوت. لا أثر.

لكن ما وجده كان أغرب بكثير…

⸻

( الصفحة الثانية )

( لا تلتفت )

على الأرض، أمام السيارة، كان هناك دفتر صغير مبلل جزئيًا… وعليه اسمه.

فتحه، فوجد بداخله صورة له وهو نائم، التقطت من زاوية غرفته تمامًا. لم يستوعب. قلب الصفحات… كلها صور له. بعضها لم يسبق له أن رآها.

ثم صفحة فارغة، مكتوب في أعلاها:

“الصورة القادمة… عندما تلتفت.”

شعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري. رفع رأسه، ونظر للخلف سريعًا. لا شيء. لكن عند رجوعه للدفتر، وجد الصفحة التي كانت فارغة قد امتلأت للتو بصورة جديدة… له، واقفًا بنفس الوضع، وهو ينظر للخلف.

رماه وسرع للعودة للسيارة.

لكنها لم تكن موجودة.

لا سيارة. لا طريق. لا شيء.

مجرد ضباب، ودفتر على الأرض، وعبارة بدأت تكتب نفسها ببطء:

“العابر الأخير… لا يعود.”