هذا المشروع يهدف إلى بناء نظام توصية كتب شخصي يعمل محليًا على جهاز المستخدم باستخدام خوارزمية تعلم آلي شهيرة (SVD من مكتبة Surprise)، وواجهة رسومية مبنية بـ Tkinter. يسمح للمستخدم بتحميل بياناته الخاصة (CSV)، ثم اختيار مستخدم معين، ليحصل على توصيات كتب متوقعة بدقة عالية، ويمكنه حفظ النتائج بتنسيق ملف نصي.
بدأت الفكرة من قاعدة بيانات مشهورة تُعرف باسم Book-Crossing، تحتوي على آلاف التقييمات لمستخدمين حقيقيين، إلى جانب معلومات مفصلة عن الكتب، مثل العنوان والمؤلف ووسوم الصور. التحدي كان واضحًا منذ البداية: كيف يمكن بناء نظام توصية فعال دون الدخول في معادلات معقدة أو التسبب في انهيار ذاكرة الجهاز بسبب حجم البيانات؟ الحل جاء في شكل خوارزمية تُدعى SVD، وهي واحدة من أنجح تقنيات التوصية المعروفة في علم البيانات. لا تعتمد هذه الخوارزمية على حساب تشابه كل مستخدم مع الآخر، بل تقوم بتحليل العوامل الكامنة التي تربط كل مستخدم بنوع معين من الكتب. وبهذا، يتم تجاوز المشكلة الكلاسيكية المتمثلة في الحجم المهول لمصفوفات التشابه.
باستخدام مكتبة Surprise المتخصصة، يتم تحميل البيانات وتهيئتها بدقة. يتم تنظيف الملفات المرفوعة، وحذف الصفوف الفارغة أو غير المفيدة، ودمج جداول التقييمات مع جداول الكتب عن طريق رقم الـISBN، ليخرج نموذج موحد جاهز للتدريب. بعدها يُمرر هذا النموذج إلى الخوارزمية، التي تقوم بدورها بتعلّم التفضيلات واختبار دقتها من خلال تقسيم البيانات بنسبة 75% تدريب و25% اختبار. بعد إتمام هذه المرحلة، يتم توليد توقعات تقييمات المستخدمين على الكتب التي لم يسبق لهم قراءتها، وترشيح أعلى ثلاثة لكل مستخدم.
كل ذلك يحدث خلف الكواليس، بينما يواجه المستخدم واجهة رسومية مصممة بـ Tkinter، بسيطة في شكلها ولكن فعالة في أدائها. قائمة منسدلة تتيح اختيار اسم المستخدم، وزرّ للحصول على التوصيات، وآخر لحفظها في ملف نصي. النصوص المعروضة واضحة، والتنبيهات صريحة، وكل شيء مصمم بلغة إنجليزية مفهومة للمبتدئين، لتكون التجربة خالية من التوتر حتى للمستخدم غير التقني.
ورغم أن المشروع يؤدي وظيفته بكفاءة، إلا أن الأفق لا يتوقف عند هذا الحد. فالإمكانات مفتوحة أمام تحسينات مستقبلية مثل عرض صور أغلفة الكتب، أو تحويل التطبيق إلى موقع إلكتروني باستخدام Flask، أو دعم التصدير بصيغ مختلفة كالـ PDF، بل وربما دمجه مع الذكاء الاصطناعي التوليدي في المستقبل لإنتاج ملخصات أو مراجعات تلقائية.
المميز في هذا المشروع أنه لا يُعتمد فيه على خدمات خارجية، مما يمنحه خصوصية واستقلالية. هو مشروع تعليمي، عملي، وإنساني في هدفه، يجعل من التوصيات أداة تساعد الإنسان على اختيار ما يقرأ في زمن كثرت فيه الخيارات. فهو ليس مجرد تمرين برمجي، بل تطبيق فعلي لفكرة ذات نفع حقيقي، تم تنفيذها بعقلية تبحث عن الأفضل دون أن تنسى الواقع وقيوده. مشروع مثل هذا لا يحتاج إلى بنية تحتية سحابية، ولا إلى فريق كبير، بل إلى مبرمج واحد مؤمن بأن التقنية يمكن أن تُستخدم لخدمة المعرفة، لا لإبهار فارغ.
والأجمل من ذلك كله أن هذا النظام يمكن أن يكون نواة لمشاريع تعليمية أكبر، أو منتجات تجارية ناشئة، أو حتى مجرد مساعد ذكي في مكتبة شخصية. إنه ببساطة نموذج على ما يمكن إنجازه حين تلتقي الرؤية مع الأدوات الصحيحة، دون الحاجة لتعقيد، ودون أن تفقد الهدف: أن تساعد الإنسان على أن يقرأ ما يحب، وما يناسبه، وما قد يغير نظرته للعالم.