يَفْتَقِرُ كَثِيرٌ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ إِلَى تَدْقِيقِ النَّظَرِ وَتَحْقِيقِهِ وَتَدْقِيقِ الْحِفْظِ وَتَقْوِيَتِهِ فِي آيَاتِ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ ؛فَإِنَّ الْعِنَايَةَ بِالتَّفْسِيرِ ضَعِيفَةٌ فِي الْأُمَّةِ مُنْذُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَمَعَ ازْدِيَادِ المُصَنَّفَاتِ فِي التَّفْسِيِر فِي عَصْرِنَا الحَاضِر تَشَعَّبَتِ الوُدْيَانُ بِالطَّلَبَةِ أَكْثَرَ وَأَكْثَر ؛فإنَّ عِلْمَ التَّفْسِيرِ بِتَنَوُّعِ وَتَشَعُّبِ مَسَائِلِهِ يَحْتَاجُ مِنْ طَالِبِهِ لِيَرْتَاضَ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاعِيًا فِي تَحْصِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْطُوَ بِأَقْدَامِ مَشَارِيعِهِ بَعِيدًا عَلَى غَيْرِ هُدًى مِن الرَّأْي وَبَيِّنَةٍ مِنَ الْأَمْرِ.
مِنْ هُنَا فَزِعْتُ إِلَى رَقْمِ هَذِه الخُلَاصَةِ المُحَرَّرَةِ رَاغِبًا في أن أَضْرِبَ بِسَهمٍ فِي سَدَادِ بَصِيرَةِ طَالِبِ الْعِلْمِ وَارْتِيَاضِ مَلَكَاتِهِ رَجَاءَ حِيَازَتِهِ لِتَحْقِيقِ الْعِلْمِ وَحُسْنِ التَّصَرُّفِ فِيهِ.. وَحُسْنُ التَّصَرُّفِ فِي الْعِلْمِ هُوَ إِكْسِيرُ التَّحْقِيقِ وَجَوهَرُ الصِّنَاعَةِ الْعِلْمِيَّة، فجاء هذا التَّفسيرُ، وكانَ فِي الأصلِ ثَمَرَةَ مُدَارَسةٍ طَوِيلَةٍ بِسَبْرِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ مُسْتَعْرِضًا مَا يَرُوقُ النَّوَاظِرَ، وَيَسُرُّ الخَوَاطِرَ؛ إِذْ هَمِّي وَسَدَمِي الْعِنَايَةُ بِتَجْلِيَةِ مَعَانِي كِتَابِ اللهِ وَبَيانِ أَحْكَامِهِ كَي يَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ، وَيَسْهُلَ تَأَمُّلُهُ، قيَّدتُهُ رَاجِيًا مَنْفَعَتَهُ التَّامَّة، وَمُلْتَمِسًا بَرَكَتَهُ العَامَّة؛ لِتَغْدُوَا بِهِ سَالِكًا أَيْسَرَ سَبِيلٍ، وَأَحْلَى سَبِيلٍ، وَأَنفَعَ سَبِيلٍ فِي دِرَاسَةِ آيَاتِ الكِتَابِ الَّذِي هُوَ دِيوَانُ حَيَاةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَبِهِ صَلَاحُهُم فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى ؛فَإِنَّ مَعْرِفَةَ مَعَانِي كَلَامِ اللهِ، وَالْإِشْرَافَ عَلَى مَكْنُونِ هُدَاهُ، هِيَ أَوْلَى مَا أُدْمِن فِيهِ النَّظَرُ، وَحُرِّكَتْ نَحْوَهُ الْفِكَرُ، فَبِهِ تُحَصِّلُ النُّفُوسُ رَاحَتَهَا، وَتَحُوزُ الْقُلُوبُ طُمَأْنِينَتَهَا.. واللهَ أَسْأَلُ السَّلَامَةَ مِنَ الزَّلَل، وَاتِّقَاءَ سُوءِ الْقَوْلِ وَالْعَمَل.
أَبُو اللَّيْث2
اسم المستقل | أحمد م. |
عدد الإعجابات | 0 |
عدد المشاهدات | 6 |
تاريخ الإضافة | |
تاريخ الإنجاز |