تونس سياسيا

السياسة في تونس: الكوميديا السوداء على المسرح الوطني

السياسة في تونس أشبه بمسرحية هزلية طويلة، حيث يجتمع الممثلون المحترفون – وهم سياسيونا الأعزاء – على خشبة المسرح، يتبادلون الأدوار بين البطل والضحية، بينما يبقى الجمهور (أي الشعب) مجرد متفرج يُجبر على دفع ثمن التذكرة دون أن يُسمح له بالخروج قبل إسدال الستار.

الفصل الأول: الانتخابات – مهرجان الوعود الكاذبة

كل خمس سنوات، يتحول السياسيون إلى شعراء غزل. يبدأون بإطلاق وعود تُشعرك أن تونس على وشك أن تصبح جنة الله على الأرض: "سنقضي على البطالة، سنرفع مستوى المعيشة، وسنبني الجسر إلى المريخ!" ولكن بمجرد أن تُفتح صناديق الاقتراع، يتحول هؤلاء الملائكة إلى خبراء في الهروب من المسؤولية.

الفصل الثاني: الحكومة – الكراسي الموسيقية

الحكومة في تونس ليست سوى لعبة كراسي موسيقية. كلما دقت الموسيقى، يبدأ الوزراء في الركض خلف المناصب. وبمجرد أن يتوقف اللحن، تجد شخصًا جديدًا في كل كرسي، يبتسم أمام الكاميرات ويعلن أنه "سيبدأ من حيث انتهى الآخرون". المشكلة أن الآخرون لم يبدأوا أصلاً!

الفصل الثالث: البرلمان – مسرح العرائس

البرلمان التونسي يشبه إلى حد كبير مسرح العرائس، ولكن بدون نص مكتوب. المشاهد مليئة بالصراخ، الشتائم، وحتى بعض المشاجرات اليدوية التي تذكرنا بمباريات المصارعة الحرة. أما القرارات؟ فهي نادرة مثل الأمطار في الصحراء، وغالبًا ما تكون بلا تأثير.

الفصل الرابع: الشعب – الجمهور الصامت

الشعب التونسي، في هذه المسرحية، يلعب دور الجمهور الصامت. يصفق حين يُطلب منه، يضحك على النكات السخيفة، لكنه لا يملك الحق في تغيير النص أو اختيار الممثلين. وإن حاول الاحتجاج، تُغلق الأبواب في وجهه ويُتهم بأنه "لا يفهم في السياسة".

النهاية: انتظار الجزء الثاني

وفي نهاية كل فصل، تُترك المسرحية دون خاتمة واضحة. يُعلن الممثلون أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لإصلاح المشهد، ويطلبون من الجمهور التحلي بالصبر، ثم يختفون خلف الكواليس للاستعداد لجولة جديدة من العبث.

السياسة في تونس ليست مجرد أزمة، إنها كوميديا سوداء مفتوحة على كل الاحتمالات. والسؤال الذي يطرحه الجمهور في كل مرة: متى ينتهي هذا العرض الساخر؟ أم أننا سنبقى نضحك كي لا نبكي؟

الموضوع القادم تونس بين الماضي والحاضر مع قيس سعيد تحيا تونس