قصة قصيرة
قادتني الظروف إلى المبيت في بيت اللصّ يومين وليلة، وأصرّ لِصّنا المُبجّل على أن أختار غرفة من غرف بيته الكبير البسيط، اخترتُ غرفة قريبة من باب البيت فقد أضطر إلى الهرب إنْ داهمه مُداهِم؛ فهو لص.
أكرمني اللص إكراما منقطع النظير، عشاء فاخر، وقهوة ذات طعم كأنّه صُنعَ خصيصا له و...، بعد كلّ هذا تجوّلت في الغرفة التي ألحق فيها – أكرمكم الله- حمّام بمرافقه الكاملة، تأملت جدران الغرفة، فما ترك مساحة فيها إلا وزيّنه بعلم الوطن، وصورة الزعيم، وخريطة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وأقوال خالدة لرجال دين وسياسة ومناضلين، ووضع صوره وهو يفتتح العشرات من الجمعيات الخيرية، والبازارات الوطنية، وهو يخطب في الناس مُقسما أنّه يُحبهم، وأنّه منهم وإليهم.
كان فراش الغرفة مُريحا وأنا المُتعب، وضعتُ رأسي على مخدّة تُشبه مخداتنا، وههمتُ بالنوم لكنّ أرقه غلبني، كيف وافقتَ على النوم في بيت اللص؟ فأنت تعرف لصوصيته فقد يسرقك، وخاطبني مُخاطب: لقد سرقك، قلتُ: كيفَ؟ قال سترى.
بعد ساعات نمتُ واستغرقت، وفي الصباح سمعته ينادي: ضيفي العزيز، أهلا وسهلا الفطور جاهز، فطور كفطورنا بيض ولبنة وزيت وزعتر وبطاطا وشاي، أفطرنا ونحنُ نحكي في كلّ شيء، ومن أجمل ما قاله: يقولون عنّي سرّاق وحرامي، ربمّا هُم على حق، لكن دعني أقول: أنا أسرق وأُطعِمُ، أسرقُ وأُكرِم، أسرق وأتبرّع، أسرق وأعيش بينكم بين أهلي، ولا أخفي وجهي كبقية اللصوص، أنا لص واضح.
فعلا لقد سرقني؛ ووضع في جيبي مئتي دينار دون أنْ أقدّم إليه أي خدمة، سرقني نعم؛ فها أنا أحدثكم عن اللص البطل ذي الأخلاق النبيلة الفاخرة.
اسم المستقل | أيمن ا. |
عدد الإعجابات | 0 |
عدد المشاهدات | 4 |
تاريخ الإضافة | |
تاريخ الإنجاز |