قصيدة: نكتفي بهذا القدر!

قصيدة : نَكْتَفِى بِهَذَا القَدَرْ!! ..

بقلم : أمل مجاهد

بلا قَصْدِ ..

تَثْورُ الأحرٌفُ الصَمّاءُ فى كَبَدِ ..

بلا عَمْدِ ..

فأمّا عن مآسِينَا

فلا نَنْوى أَذَى أحَدِ ..

نُخَبِّئُ حُزْنَنَا فينا

ونُخْفِى سِرَنَا الأبَدِ ..

نُوَارِى اللّيْلَ دَاخِلَنَا

ولا نَشْكُو جَوَىَ جَسَدِ ..

ونُشْعِلُ فِى الدُجَىَ أمَلاً

ونَنْثُرُ زَهْرَةَ العُمْرِ عَلَى اللّحْدِ ..

******

تَغَيّرْنَا

وأمَسَى اللّيْلُ يُشْقِينَا ولكّنَا ..

تَحَمّلْنَا

بِصَبْرٍ بَاَلِغٍ فِينَا كَمَا الَأُسْدِ ..

وبَاتَ بُكاؤنا صَمْتاً بِلاَ دَمْعِ

وَصَاَرَ اَلْحُزْنُ دَاَخِلَنَا نُهَدْهِدُهُ كَمَا اَلْوَلَدِ ..

فَيُهْذِينَا .. وَيُدْمِينَا ..

وَيَسْلُبُ مِنْ حَنَايَا الصَدْرِ .. حُلْمَهُ الأَبَدِىِ

بِلا وُدِ ..

فَتَسْقُطُ بَعْضُ حَبّاَتٍ مِنَ العِقِدِ ..

بِلاَ قَصْدِ ..

********

بِلاَ أَمَلِ ..

بِكُلِ مَعَانِىَ الضَجَرِ ..

تُسَائِلُنَا عَنْ العُمُرِ ..

عَنْ الإِعْمَارِ وَالعَمَلِ ..

فَألْقَيْنَا بِبَعْضِ أبْيَاتٍ مِنَ الألَمِ ..

فَلاَ تَلُمِ ..

*********

وَلاَ تَحْتَاَرْ ..

واَعْلَمْ بِأَنّ الحَرْفَ يَطْفَحُ بِالمَرَارْ ..

والعُمْرَ يُسْرَقُ تَحْتَ عَرَبَاتِ القِطَارْ ..

والذَنْبُ يَبْقَى عَلَى القَتِيلِ

لِمَ لَاَ يُطِيلُ الإنْتِظَاَرْ ؟! ..

هَلْ كَاَنَ لاَ يَخْشَىَ الرَدَىَ؟!

أَمْ أَنّهُ يَبْغِىْ الدَمَاَرْ؟!! ..

فَأَجَابَهُمْ رَجُلٌ ضَرِيرٌ شَاَهِدٌ ..

أَنّ القَتِيلَ هُوَ الَذِى دَهَمَ القِطَارْ ..

سَاَقَ القَطَيَعَ بِحُمْقِهِ خَلْفَ الحِمَاَرْ ..

هَتَفَ الشُهُودُ بِكُلِ فَخْرٍ وَإِنْتِصَارْ..

"يَمُوتُ الشَعْبُ .. وَيَعِيِشُ القِطَاَرْ" ..

"تَعِيشُ الدَوُلَةُ .. وَيَمُوُتُ الحِمَارْ" ..

*********

شَهِدَ الجَمِيعُ بِأَنّهُ حُكْمُ القَدَرْ ..

بِاللهِ أَيْنَ المُسْتَقَرْ ؟! ..

وَالقَلْبُ تَائِهٌ بَيْنَ نَدَبَاتِ الحُفَرْ ..

واللّيْلُ رُغْمَ الفَجْرِ يَعْصِفُ بِالبَصَرْ ..

فَنَشْتَهِى قَبَسَاً عَطٌوفَاً مِن قَدَرْ ..

وَلاَ نَرَى سِوُىَ الشُعَاعِ المُنْكَسِرْ ..

يَبْكِى الزَمَاَنَ ..

فَقَدْ تَواَرَى بِالأَسَى ثُمّ اِنْتَحَرْ ..

*********

فِى البَيْتِ كُلُ الخُبْزِ .. يَكَادُ يَكْفِى بِالدُعَاَءْ ..

الَأمُ تَسْتُرُ ضَعْفَهَا .. خَلْفَ عَبَاءَاتِ الرَجَاَءْ ..

وَالطِفْلُ مَلّ وُعُودِ اللّحْمِ .. بِحُلُوُلِ المَسَاءْ ..

بِاللّيْلِ يَبْكِى .. ثُمّ عِنْدَ الصُبْحِ يُذْعِنُ للِقَضَاءْ ..

*********

كَبُرَ الصَغِيرُ وَعَلِمَ أَنّ الأَبَ مَاتْ ..

وَهَلْ اليَتِيمُ سَيَجْنِى إِلا النَائِبَاتْ ..

لَاقَى الصَبّىُ بِكُوخِهِ كُلَ الشَتَاتْ ..

صَمَدَ الغُلاَمُ أمَامَ كُلِ المُغْرِيَاتْ ..

*********

لَكِنْ بِرَغْمِ صُمُودِهِ .. زَاَغَ البَصَرْ..

مَا زَالَ يَخْشَى صَوُتَ زَخّاَتِ المَطَرْ ..

عَصْفَ الرِيَاحِ وَالرُعُودَ وَالشَجَرْ ..

لَحْظَةَ غُرُوبِ الشَمْسِ وَبُزُوُغِ القَمَرْ ..

حَتّى المَسَاءِ وَذِكْرَى اللّحْمِ المُنْتَظَرْ ..

أَمْسَتْ بَقَايَا مِنْ وَجَعٍ يَجُوُبْ ..

*********

بَاتَتْ تُؤَرِقُنَا الأَزِقَةَ وَالَدُرُوُبْ ..

نَشْكُو ضَيَاعَاً بَيْنَ أَفْلَاكِ الخُطُوُبْ ..

وَالكُلُ يَلْهَثُ خَلْفَ حُلْمٍ مُسْتَتِرْ ..

ضَاعَ الشَبَابُ بِالإِدْمَانِ وَالسَهَرْ ..

غَرِقُوُا بِبَحْرِ الهِجْرَةِ وَتِيهِ السَفَرْ..

وَاليَومُ مِثْلُ الأَمْسِ يَرْفُضُ أَنْ يَمُرْ ..

فَلا تَسَلْ عَنْ العُمُرْ ..

وَلْنَكْتَفِى بِهَذَا القَدَرْ!! ..