الحدث، هي سلسلة من الأقصوصات (قصص قصيرة جدًّا) كانت تُنشر بشكل حصري على صفحة إسكتوبيا، وقد سميتها الحدث لأنها ببساطة ليست إلا مجموعة من الأحداث دون قصص واضحة. مثل حادث في الطريق قد نتعرف على تفاصيله من عدد الملاءات على الأرض أو خبر في جريدة وقد نمر عليه دون أن نستزيد منه. وفي كل مجموعة نعرض ثلاثة عشر حدثًا.
1-أمي
ماتت أمي، وقد حزنت عليها كثيرًا، لأنها ماتت قبل أن أقتلها.
*******
2-القمر
نظرت إلى القمر وقد صار بدرًا، ارتفع غطاؤه ونظرت لي عين من هناك، ثم وضع الغطاء وعاد القمر مرة أخرى، فتساءلت عن طبيعة هذا الكائن وضخامة حجمه.
*******
3-السرطان
أُصيب خالد بنوع غريب من السرطان، يقتل خلايا ويحافظ على أخرى. فلما ذاب وجهه وحوضه، ساقيه وذراعيه، ومعظم الأعضاء الحيوية من رئة وكبد وكلى ومعدة، والنصف الأيسر من جذعه، والنصف الأيمن من رأسه، وأجزاء متفرقة مما تبقى. ذُهِلَ العلماء لأنه لا يزال حيًّا من خلال جهاز يربط بين البقايا المتناثرة. لم يعد لديه عيون أو لسان أو أنف أو فم أو جلد. وتم الاحتفاظ به في متحف العلم الحديث. وأقيمت بسببه المؤتمرات، ودارت حوله الدراسات. وعليه صنعت التجارب. وعاشت أسرته في بحبوحة بقية العمر بسبب ما نالوه من أموال للتخلي عن ابنهم فداء العلم. وطال عمر خالد وفي سره أمل يائس بالحصول على الموت.
*******
4-العملاق
على الطريق الدائري الآتي من موقف العبور والعاشر والسلام، آتيًّا هو من العمل راكبًا عربة (باص) الشركة المخصصة لنقل الركاب إلى المحطات الأساسية ومنها التوجه لبيوتهم. ومع اقتراب محطة المرج، التي منها سيتوجه إلى حي السرايا. من بعيد رأى جسدًا عملاقًا، رأسه في السماء تناطح السحب السوداء. وأمطرت السماء حتى أصابت الرؤية غشاوة. وتعالت الصرخات حتى أصابت أذنيه بالصمم. إلا أن الصرخات أكدت له أن ما يراه حقيقة.
*******
5-الأخرس
عرفت عن أخي الأكبر أن الخرس أصابه منذ الصغر، وقد كان لا يزال شابًّا أثناء احتضاره، قرب أخي الأوسط أذنه من فمه. ولأول مرة يخرج هذا الفم كلمات. استمع إليها أخي الأوسط قبل أن يخرج الأكبر آخر أنفاسه. ثم لحقه الأوسط منتحرا بعد يومين. لأظل أنا الأخ الأصغر وحيدًا في الدنيا، لا أعرف ماذا قال أخي لأخي. ولمَ غيبهما الموت عني؟ ولمَ الصامت تكلم قبل الموت؟
*******
6-المرّ
أصابني مرض فصرت لا أرى إلا رمادًا، ولا أسمع إلا ضجيجًا، ولا أشم إلا عفنًا، ولا أتذوق إلا مرًّا، ولا أشعر إلا ألمًا.
*******
7-الخنق
حضرت حفل الزفاف باحثة عن عريس رغم أنها لا تحتاج إلى ذلك، وعيناها لا تفارق الطول الممشوق لطبيب وحدتها القوي الوسيم، وعيون الشباب في القاعة لا تكف عن النظر إليها. تساءلت إن كان عليه أن يصير ضابطًا لا طبيبًا. وكانت قد لاحظت إعجابه بها. لم تقابل بعد رجلًا لا يُفتن بها، ولم تجد بعد من تتجاوزها في أنوثتها أو تزيد عنها جمالًا ولو قليلًا. رغم أنها لا تظهر إلا قليل من مفاتنها، واليوم قررت أن تشد الوشاح على شعرها فقط مقلدة الحجاب الشائع هذه الأيام. لتكشف عن رقبتها السمراء. بالرغم من أن عباءتها لا تكشف أي أجزاء أخرى أسفل العنق. تداعب عنقها، وهو ليس طويلًا مثل شيرين، إلا أن الطبيب الغامض تجاوزها، ملكة الجمال، ذاهبًا إلى من تستحق اللقب وقد أغرته بتأنقها المتفرد هذه الليلة. في عباءة ذهبية اللون متوافقة مع لون غطاء رأسها الذي التمعت صفرته مثل تاج فوق رأسها، نظر إلى وجهها اللعوب وأمسك يدها الرقيقة وانحنى يتشمم العطر على عنقها، وهمس في أذنها:
-أتسمحين لي برقصة؟
بالطبع وافقت، وقامت معه ترقص وسط حشد الراقصين مبتعدة عن صديقاتها وقريبتها، ثم منعزلة عن القاعة في الشرفة المفتوحة يتراقصان معًا. ضمها إليه بذراعه اليسرى، وضع يده على رقبتها، وقد ارتاحت لذلك. نظر في عينيها. ضغط إبهامه بقوة على حنجرتها. في ثانية لم تفهم الأمر. وفي الثانية التالية فهمت أنه يخنقها. والثانية الثالثة حاولت الصراخ فلم تنجح. تنزع يده فلا تستطيع. يضم جسدها إليه بقسوة. يستمر الضغط، وترقص معه رقصة الموت. يبرز لسانها. يلثم فمها. تجحظ عيناها. يعتصر رقبتها. ترفس بقدميها. يحتضن جسدها. تتعالى الموسيقى. وتتعالى حشرجة ما قبل النهاية. ما زالت تنظر إلى القاعة متساءلة لماذا لا ينظر إليها عشاقها. الجميع ينظر إليها ولكن يحسبونها ترقص. لا تعرف مصير قاتلها بعد قتلها، لكن أدركت الآن أنها تموت.
*******
8-النهاية
في ظل التصعيدات المستمرة التي تنذر بحرب عالمية ثالثة لا تُبقي ولا تذر، تتجاور مخاوف السياسيين مع تخوفات العلماء من أن هناك طرفًا غير بشري سيشارك في الحرب، غازيًا آتيًا من الفضاء، ومن تفجير قنبلة العلم تلك اكتشف عالم آخر بأن هناك أسطولًا من النيازك سيصطدم بالأرض عن قريب. وقبل اندلاع الحرب النووية ومن مكان ما مجهول انتشر فيروس قاتل، وباء لم يأتي قبله ولن يأتي بعده في تاريخ البشرية. وبعد سنوات طويلة وانحسار الإشعاع النووي وكذا رجوع البحر لمهده بعد الطوفان العظيم. ظل آخر ناجٍ يُحاول متحسرًا أن يتذكر كيف كان سبب النهاية؟
*******
9-جثتي
رأيت جثتي، ولم يحزنني موتي، بل أبهجني حزن أسرتي عليَّ، إذن يحبونني، وعانقني القبر.
*******
10-الأقدام
جسد واحد تحت الملاءة، نزعت الغطاء عن رأسه لأفاجئه فإذا بها قدميه، نزعت عنه الغطاء من الجهة الأخرى وما زالت هناك قدمان. تفاجأت أنا.
*******
11-الشروق
سألت أبي:
-لماذا تشرق الشمس من جهة الغروب؟
فقال ضاحكًا إن ذلك مستحيل إلا إن قامت القيامة، ونظر إلى جهة الغروب حيث قرص الشمس يطل علينا من هناك. وابتلع ريقه.
*******
12-العبث
حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي. حلت عليَّ لعنة تجعلني أكرر كلماتي.
*******
13-السقوط
قفزت من فوق برج القاهرة، وعندها تيقنت فعلًا أنني لا أستطيع الطيران.
هذا ليس العمل الوحيد لي
يمكنك الاطلاع على المساهمة أعلاه في مجتمع حسوب، أو قراءة بعض القصص من المنشور في الرابط أدناه
اسم المستقل | رايفين ف. |
عدد الإعجابات | 0 |
عدد المشاهدات | 8 |
تاريخ الإضافة |