تفاصيل العمل

فن كتابة الرسائل.

العمل:

عزيزتي البعيدة،

السما حلوة، تذكرتك اليوم.

من على هامش الصفحة وأذيال الجُمل انزلقت الصورة في الخارج: إحدى أيام آذار الأنثوية التي لا تعرف إيقاعًا واحدًا لأيّامها، استقرّت خطوات المطر على الأرصفة والشوارع وأشبعت ألوان اللوحة.

إنها ذروة الربيع، والزهر، ويا عزيزة، بدا لي أنّ "زهورك" تشاطرني الشوق إليكِ! قد تمقتين منّي نسب زهور بريّة حرّة إلى أي كان، حتى لو نسبتها لكِ أنت! لكنها رغمًا عن كلانا زهوركِ أنتِ، وإلا فلمَ تصرخ باسمك كلما تواجهنا في الطريق؟

لا زلت أذكر حين فتشتِ الطريق بتوق طفلة لتقبضي على زهور برية على مرمى بصرنا من النافذة في نهايات شباط، أستحضركِ كلما عبرتُ هذه البقع الخضراء أحيانًا تضحكين وأحيانًا تجادلينني وتسبقينني التعليق في أحيان. ليتكِ كنتِ هُنا الآن أيضًا.

حين أسكتت الأمطارُ الشمسَ تحررت الزهور من ضوء الشمس الممل، وكانت، وحدها، سيّدة المشهد أمامي. كانت ألوان الزهر تغني غير آبهة بضجيج الحياة من حولها، لحنًا بهيًّا كانت لتشوّشه أشعة الشمس، والضحكات، لو حضرت.

يا عزيزة، لست أنسى حين كنتِ خلسةً تشيحين بناظرك عن صفوف الزّهر الأصفر أمامنا، أنتِ حتمًا تحبّين الزّهر ولكنكِ لا تستطيعين إخفاء كم ترين الأصفر منها مُكرّرًا ومُملاً. يسعدني أن أزفّ لكِ أن زهرة ورديّة وحيدةً تجلت عن زواية هذا الصف الممل، ووقفتْ هي وطيفك وسط المشهد. آهٍ يا عزيزة، لو أن هذه الصغيرة تستطيع أن تُبدلكِ مكانها الآن، فقط الآن، بدلاً من أن يحزّ عروقي صوتكِ حين صرختِ بفرحٍ أن الربيع حان.

لا زلت أتفقّد زهورك كل يوم، والأقحوانات البنفسجية ما زالت على حالها، تنتظرك، لتزهر من جديد، لأُراقب أنا هذا الجمال بالقدر الذي يحمله الحلم الكنفاني الضائع بالحب من شعور.

يا عزيزة، ليست كلماتك، أنتِ تسكنين فيّ وليست كلماتك، أنتِ.

بطاقة العمل

اسم المستقل غنى ا.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 5
تاريخ الإضافة