تفاصيل العمل

الحادثة الأكثر دموية في تاريخ الحج !!

محاولة احتلال الحرم في موسم الحج .

لا شك تماما في جاهزية وكفاءة جميع الانظمة السعودية المسؤولة عن موسم الحج عبر السنين ، ومحاولتهم دائما على المحافظة على امن واستقرار وراحة ضيوف بيت الله الحرام ، ولكن ما حدث في صباح يوم الجمعة السادس من ذي الحجة 1407هـ الموافق 31 يوليو 1987 كان على غير المتوقع .

فوجئ رجال الأمن السعودي والحجاج وكل من في المسجد الحرام بمظاهرات واحتجاجات بدأت في التحرك ، واللي بدورها عطلت مصالح المارين في الشوارع واوقفت حركة المرور وكمان خربت على المصلين والحجاج اداء فريضتهم ، وفي حقيقة الامر كانت المظاهرات من الحجاج الايرانيين .

موضوع المظاهرات من الحجاج الايرانيين كان اشبه بالعادة في موسم الحج ولكن كان بشكل مؤقت وبينتهي بعدها بدون توقف مصالح الحجاج او المارين ، وبالرغم من كل ده عزيزي المشاهد الا ان المملكة اعطتهم الحرية في التظاهر بدون تدخل او منع من قوات الأمن او الشرطة.

ولكن مع بداية المظاهرات في اليوم ده ، بدأ المتظاهرين الايرانيين برفع صور الخميني وتشكيل مسيرة ضخمة خلال الحج ، وهذا بدوره ادى الى انتشار الفوضى ، مع العلم يا عزيزي ان عدد الحجاج في ذلك الوقت يقدر بـ ٢.١ مليون حاج ، ادت المسيرة الضخمة الى توقف باقي الحجاج من الجنسيات المختلفة عن اداء مناسكهم وكذلك توقف حركة المرور لسكان مكة وتعطيل بالمرة لجميع انواع المصالح .

في البداية حاول الحجاج من الجنسيات المختلفة التفاهم بشكل سلمي مع الحجاج الايرانيين في مقدمة المسيرة ، واخبروهم بضرورة فك الازدحام وفتح طريق لعبور النساء والاطفال المحتجزين في سياراتهم ، ولكن لا حياة لمن تنادي !

أكمل المتظاهرون الايرانيون مسيرتهم وأصروا على الاكمال وسط هتافات معادية للمملكة وكانت المفاجأة لما قرروا تغير مسارهم ويتجهوا الى المسجد الحرام !

ومع اتجاههم الى بيت الله الحرام ، ازداد مستوى العنف خلال المسيرة ، فبدأوا بدفع المواطنين والحجاج بكامل قوتهم وبالرغم من وجود رجال الامن السعودي الا أنهم تمسكوا بكل اشكال ضبط النفس وعلى العكس من جانب المتظاهرين ، رجال الشرطة كانوا بيمنعوا الحجاج الاخريين من الاحتكاك مع المسيرة الايرانية خشية تأزم الاوضاع وخروجها عن السيطرة .

ولكن برغم من محاولتهم في الحفاظ على الهدوء الا ان المتظاهرين الايرانيون حولوا هجومهم بشكل كامل على رجال الامن السعودي ، وبدأوا بمهاجمتهم بالعصي والاسلحة البيضاء والحجارة ، مما ادى الى صدور الاوامر من سلطات الامن بمحاولة احتواء الموقف ورجوع الامور لنطاقها الطبيعي .

ولكن مع الأسف تصاعدت شدة الموقف اكثر وتراجع المتظاهرين بشكل جزئي مما ادى الى دهسهم على العديد من النساء والرجال كبار السن ولم يكتفوا بذلك فقط ولكن بدأوا في اشعال السيارات والدراجات النارية الخاصة بالمواطنين وبرجال الشرطة كنوع من انواع تصعيد الموقف الى اقصى حد ، ومع العلم جميع المسؤولين في قوات الأمن السعودي على دراية تامة بحرمة اطلاق النار في المسجد الحرام ، وهذا الامر يعتبر كنوع من انواع القيود على كاهل قوات الامن في صد المتظاهرين .

في الجانب الاخر التشكيل والتخطيط للمظاهرة كان بشكل مختلف عن اي وقت مضى ، لأن كان في قوات من عناصر الحرس الثوري الايراني في قلب المظاهرة وعلى حسب اقوال بعض الشهود والاشخاص اللي عاصروا الموقف ان بعض الحجاج كانوا على دراية بقواعد الاشتباك والدفاع عن النفس ، يعني كانوا مدربين !

ومع وجود اسلحة في أيديهم زي العصي والسواطير وبعض الفؤوس والسكاكين اصبح السيطرة عليهم صعب واصبح على عاتق رجال الامن السيطرة على الشغب دون استخدام الاعيرة النارية وايضا حماية باقي المواطنين والحجاج من هجمات المتظاهرين ، لأن امن الحجاج وسلامتهم هو الهدف الاساسي لقوات الامن ، ومع كل هادي الصعاب وقع من قوات الامن اكثر من ٨٠ قتيل .

في نفس الوقت كان حبيب القلب رحمة الله عليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني في وقتها ، وكان قراره بأرسال قوات للدعم والمساندة ، ولكن مثل جميع المسؤولين في المملكة كان على علم تام بحرمة اطلاق النار في المكان ولحرمة الشهر الكريم ، فأصدر قراره بأن قوات الدعم والمساندة لا تستخدم الرصاص ولا تطلق النار ابدا .

على الجانب الاخر ، عدم استخدام القوة معهم ادى الى ارتفاع روح المتظاهرين المعنوية ظناً منهم بضعف قوات الامن وهذا ادى الى زيادة وتيرة العنف والتطاول وعدم مراعاة حرمة المكان او الشهر او حتى المواطنين اللي ما كان ليهم في السياسة ولا ذنبهم اي شيء ، ومع ازدياد وتير العنف سقط من حجاج الجنسيات الاخرى اكثر من ٤٠ قتيل ومن المتظاهرين الايرانيين اكثر من ٢٧٠ قتيل نتيجة التدافع الجنوني الى اقصى حد ، حتى انه بلغ اذا سقط واحد منهم اثناء الاندفاع فخلاص بيلقى حتفه نتيجة دهسه بالأقدام .

خلال كل هذه الاحداث التي تم ذكرها ، ظهر الشيخ فيصل بن لبدة واللي كان رتبته وقتها رائد ، وكانت المظاهرة اقتربت من ساحات الحرم ومن المناطق القريبة له ، وطبعا كالعادة اثناء هذي الاحداث كان فيصل على أتم العلم بالتعليمات والاوامر العسكرية بعدم استخدام الاعيرة النارية ، وفجأة بدون اي مقدمات شاهد امامه احد رجاله من قوات الأمن يتم سحبه من قبل مجموعة من المتظاهرين الى قلب المظاهرة ، وواحد من المتظاهرين قعد على ظهره وذبحه امامه !!

لك ان تتخيل شعوره وقتها لما ينظر الى احد رجاله بيذبح امامه !!

بعد هذا المشهد لم يتمالك فيصل بن لبدة نفسه نهائيا وسحب سلاحه وقال مقولته الشهيرة

(ابن سعد خلجت ام اللاش )

وبدأ بأطلاق النار على الشخص اللي ذبح رفيقه وعلى جميع من حوله لين ما نفذت ذخيرته ، واعطى اوامره لجميع الجنود بأطلاق النار على الجميع بدون استثناء ، وفعلا بعد اطلاق النار تفرقت المظاهرة فوراً وتم السيطرة اخيرا عليها بفضل الله تعالى ثم فضله .

وكان قد اصيب بطعنة في ضهره على اثرها نقل للمستشفى ، وقد زاره الملك عبدالله ومنحه وسام الشجاعة تقديرا لفعله وايضا امر بترقيته من رائد الى مقدم وعدم سؤاله عن مخالفته للأوامر والتعليمات العسكرية ، وتقاعد وهو في رتبة فريق اول ( اطال الله في عمره ) .

برغم من انتهاء القصة الا اني حابب ارجع بيك عزيزي المستمع لقبل الاحداث بسنة وشوف انت بحكمك الذاتي هل ده متصل بده ولا لأ ، لأن سنة ١٩٨٦ تمكنت سلطات الامن والجمارك من احباط محاولة تهريب ٥١ كيلو من مادة C4 شديدة الانفجار وبعض المواد الاخرى من الحجاج المسافرين على الرحلة ٣١٦٩ المنطلقة من اصفهان ايران ، وتبين بعد ذلك تورط الحرس الثوري الايراني ايضا بإخفاء المواد المتفجرة في حقائب الحجاج الايرانيين بدون معرفتهم وهو ما ذكره في التصريح المعمم الملا أحمد منتظري ابن المرجع الشيعي الراحل حسين علي منتظري الذي كان نائبًا للخميني.

فتخيل معي عزيزي المشاهد لولا امساك رجال الامن بالمتفجرات في ذلك الوقت ، لا قدر الله ايش كان بيصير لو نجحوا في ايصال المواد المتفجرة في ذلك الوقت للأشخاص اللي كانوا في انتظار وصولها ، وهل المتفجرات كانت ممكن تستخدم من قبل المتظاهرين في وقتها ؟!!!

النهاية .

بطاقة العمل

اسم المستقل Anwar M.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 19
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز