ترجمة من كتاب الأيام لطه حسين من اللغة العربية للغة الإنجليزية.
ولا يستطيع أن يتذكر اسم ذلك اليوم ولا أن يصنفه كما قسمه الله بسنة أو شهر. كما أنه لا يستطيع أن يتذكر وقتاً معيناً خلال ذلك اليوم ولكنه يحاول تقريبه.
وكثيراً ما يظن أن هذا الوقت جاء في هذا اليوم فجراً أو مساءاً. وهو الأرجح لأن وجهه أحس بهواء به برد خفيف لا تمتصه حرارة الشمس. والأرجح أيضا لأنه يكاد يتذكر مع أنه لا يعرف طبيعة النور والكآبة، والأرجح لأنه يكاد يتذكر أنه عندما خرج من بيته أحس بوميض هادئ كأن زواياه قد غطيت مع الكآبة، علاوة على أنه كان إذا أحس بهذا النسيم البارد وهذا النور لا يرى من حوله حركة شديدة، بل يرى حركة من يستيقظ أو يأتي إليه. إذا كانت هناك أي ذكرى حية وواضحة تستحضر بلا شك في هذا الوقت، فهي ذكرى هذا السياج المصنوع من القصب على بعد خطوات قليلة من باب المنزل.
منزل. يتذكر هذا السور كأنه رآه بالأمس. يتذكر أن قصبة هذا السور كانت أطول منه. لذلك يصعب عليه تجاوزه. ويتذكر أيضًا أن قصبة هذا السور كانت أقرب إلى بعضها البعض وكأنها ملتصقة ببعضها البعض. وبالتالي لا يستطيع التسلل إليه. ويتذكر أيضًا أن قصبة هذا السور كانت تمتد من يساره إلى حيث لا يعرف نهايته، وكانت تمتد من يمينه إلى آخر الدنيا من هذه الجهة. كان آخر العالم من هذا الجانب قريبًا. وانتهى الأمر بقناة عرفها عندما كبر. وله تأثير كبير على حياته، أو كما يمكن القول، على مخيلته.