تفاصيل العمل

               قصة قصيرة

                نافذة على العالم

فى يوم كباقى الايام خرجت من من منزلى ف الصباح الباكر كى اذهب الى عملى ، والذى كان فى محافظة اخرى غير التى اقيم فيها .ذهبت الى محطة القطارات واشتريت بعض القصص المسلية التى تهون على الطريق .وجلست انتظار القطار ، وكان يجلس امامى ثلاث سيدات لا اعرف اذا كان بينهم صلة قرابة ام لا ؛ فانا لا اخذ معيار احاديث الناس مع بعضهم البعض مقياس ؛ فقد تكون اسرة واحدة وتفتقد الى الحوار ،وقد يكونوا اغراب ولكن جمعهم شئ مشترك . ولكن ما كان امامى هو مشهد لثلاث سيدات واحدة منهن عشرينية فى سن الشباب ، والثانية أربعينية فى سن النضج ، والثالثة تبدو عليها الشيخوخة الشديدة .

تأخر القطار لمشكلة طارئة ، ورغمآ عنى وليس بقصد جلست انظر للثلاث سيدات وكيف سيقضين وقتهم لحين وصول القطار .

أخرجت كل واحدة منهن هاتفها المحمول من حقيبتها وكأنهن فى انتظار مكالمة .

وبالفعل بعد قليل دق هاتف الفتاة العشرينية ،وانتفضت فى لهفة ترد على المكالمة ؛ فقد كانت امها تتصل بها لتطمئن عليها، وما ان انهت حديثها حتى دق هاتفها مرة اخرى لترد هذه المرة على ابيها الذى كاد قلبه ان ينخلع من الخوف عليها ، وكانت تهدئه وتطمئه عليها .

سادت لحظة من الصمت ، ثم دق هاتف السيدة الأربعينية ، فقد كانت ابنتها تطمئن عليها وانها تريدها ان تعود بسرعة وتشعر بالضيق لتأخرها ، وحاولت السيدة تخفف عن ابنتها واخذت تداعبها وتضحكها حتى لاتشعر بطول الوقت ،وانهت المكالمة مع ابنتها ، ثم بعد قليل اتصل زوجها ليخبرها ان لا يعرف كيف يتصرف مع الابناء فى غيابها، وانه يحمد الله كثيرا على انها فى حياتهم ،ولا يتخيل كيف تدور الحياة بدونها .وانهت مكالمتها باسمة مشرقة .

نظرت إلى السيدة العجوز ، منتظرة ان يدق هاتفها ، لكن لم يحدث وهى تنظر وتحدق فى الارض لفترات طويلة ، ثم ترفع رأسها تنظر الى هاتفها الصامت ،وتنظر يمينها ويسارها ثم تعاود الكره مره اخرى . وعلمنا ان مازال التصليح جاريآ فى القطار وسوف ننتظر مرة اخرى .

دق هواتف السيدتين ، وكل واحدة منهن اطالت الحديث وتطرقت لمواضيع مختلفة كان تهون على نفسها واسرتها هذا الوقت . ونظرت للعجوز وقد بدا عليها التعب من الانتظار وتمنيت ان اتحدث معها واخرجها عن صمتها . ذهبت وجلست بجوارها ، والقيت عليها التحية ، فردت التحية بأحسن منها. سألتها عن حالها وحاولت ان أهون عليها الوقت .

كانت السيدة العجوز فى منتهى السعادة وانا اتحدث معها وكذلك كنت فرحة انى اخفف عنها وحدتها .

جاء القطار  وركبنا جميعا ، ولكن وجدت السيدة العجوز تنهض ببطء وتسألنى " هل هذا القطار الذي يذهب لهذا العنوان ؟"واعطتنى ورقة صغيرة وقالت : معذرة فلم اعد أرى جيدا ، وابنائى مشغولون لم يتذكروا اصلاح نظارتى المكسورة منذ شهور ..أعانهم الله على متاعب الحياة .

قلت لها لا تشغلى بالك سوف اكون معك حتى تركبى وتطمئنى .

ونظرت فى الورقة التى اعطتنى اياها لاتأكد من العنوان .وكانت مفاجأة لى الجمت لسانى .

فقد كان مكتوب برجاء ايداع هذه السيدة لاقرب دار مسنين او اى مكان لرعاية كبار السن.

تحجرت الدموع فى عينى ، ونظرت لها وقلبى ينتفض حزنا عليها .

قلت لها : هل يمكن اجراء مكالمة من هاتفك ؟وقلت لنفسى، ربما احد من ابنائها يجيب . ردت بعفوية شديدة : تفضلى تحدثى كما تشاءين ، ولكنى لا اعرف كيف استعمله ولم يعلمنى اولادى كيف استخدمه .

قلت لها لا تشغلى بالك ، وكانت المفاجأة الثانية ، فهاتفها لم يكن به بطاقة للاتصال ولا يوجد عليه سجل لارقام ابناءها .

قالت: لقد اشتراه لى اكبرابنائى كى يطمئن علي دائما . وهو اتى بى إلى هنا واعطانى الورقة بها عنوان احد اقاربى مريض وسأذهب لزيارته .

لم يكن امامى الا ان اصارحها بالموقف . وبالفعل اخذتها وذهبت بها الى احد دور رعاية كبار السن وتكلفت بمصاريف اقامتها . وقلت لها ما اسم احد ابنائك لابلغه بمكانك ...رفضت السيدة وبكت وارتمت على صدرى وقالت ، اهكذا البشر ...الم اكن فتاة فى بيت اسرتى الذى يعج بالحياة ، ثم اصبحت سيدة واما لابناء وزوج لا يتخليون الحياة فى غيابى ..والأن ماذا ؟ماذا حدث؟هل لست انا تلك الشابة والأم ؟محا الزمن كل مالى ف الدنيا ولم يتبقى سوى الحطام الذى يلقيه كل واحد منهم للأخر ؟هل لم تكن انا ..هل لم تكن انا ؟

غادرت المكان بعد ان اطمئننت عليها ..ونظرت لنفسى على زجاج السيارات المتراصة ، وقلت يا ترى كم متبقى من الوقت قبل ان ينهى البشر خدمتى ويعلنوا وفاتى وانا على قيد الحياة .....

بطاقة العمل

اسم المستقل Nermeen O.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 232
تاريخ الإضافة