تفاصيل العمل

أولاً: تعريف البحث العلمي:

البحث عملية استقصاء منظمة ودقيقة لجمع الشواهد والأدلة، بهدف اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة أو تكميل ناقص أو تصحيح خطأ. أو اكتشاف الحقائق معتمداً على مناهج موضوعية من أجل معرفة الترابط بين هذه الحقائق واستخلاص المبادئ العامة والتفسيرات اللازمة.على أن يتقيد الباحث بإتباع خطوات وأن يختار المنهج والأدوات اللازمة للبحث وجمع المعلومات.

وللقيام ببحث علمي لا بد من منهج والذي هو خطوات منظمة يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم ببحثها وصولاً إلى نتيجة معينة، وتكمن أهميته في كونه يلزم الباحث بتبرير رأيه ونقده، وتقيده بالدقة في أخذ المعلومة وتوثيقها، وتحديد الأداة المناسبة للوصول للنتيجة.

هذا وتقوم مؤسسات العدالة تقوم من خلال عملها بحل الإشكاليات التي تعرض عليها، محققة بذلك ما تسعى إليه العلوم جميعها من أهداف وهي إزالة الغموض واللبس، والتنبؤ بما يمكن أن يكون مستقبلاً ووضع حلول لمواجهته قبل حدوثه، والضبط للأمور بجعلها في إطار منظم يحكمه القانون من خلال تطبيق حكم العدالة عليه. وذلك في إطار أن العدالة فكرة نسبية والعدل مفهوم مطلق. لذلك تقوم مؤسسات العدالة بما أنيط بها في ضوء معايير تتسم بالدقة والموضوعية، حيث تصل للحقائق بالطرق المنطقية، من خلال فهمها أن الحقائق ليست بالضرورة ثابتة في جميع القضايا. ومن هنا يختلف دور الباحث عن دور المؤسسة العدلية فالأول لا يقتنع بنتائجه حتى يزول عنها كل شك مقبول أما الثانية فتصل للاقتناع عندما عندما تصل درجة احتمال الصدق فيها إلى أقصى درجة، لذلك تكتفي بأقصى درجات الاحتمال، فإذا وازنت بين عدة نتائج فإنها تأخذ بأكثرها احتمالا للصدق.

ثانياً: أثر مؤسسات العدالة في البحث العلمي:

تعتمد مؤسسات العدالة في عملها ووصولها للحقيقة على الاستقراء والاستنباط والقياس المنطقي، حيث تبدأ بالجزئيات وصولاً لحل للواقعة المعروضة ويتم لها ذلك من خلال عمليتين مترابطتين هما، الملاحظة والوصف، ومن ثم التكييف، ويختلف الوصف والملاحظة من قبل العامل في مجال العدالة عنه في أي مجال أخر لأنه غاية هذا هي الوصول للتكييف للواقعة تمهيداً لتطبيق القانون عليها والوصول لنتيجة بحل الإشكال.

ويقوم العامل في مؤسسة العدالة بتحديد معالم وأبعاد الواقعة المعروضة عليه من خلال خبراته ومهارته مبلوراً فكرة تتناسب معها على أساس البيانات المتوفرة لديه. من ثم في ضوء المعطيات يقدم الحلول.

ويأتي دور البحث العلمي ليواجه ما نجم من حلول للمشكلات باحثاً عن الاقتناع المطلق والحقيقة الكاملة من خلال دراسة ما يصدر عن مؤسسات العدالة وذلك عبر الآتي:

1- تحليل الحكم أو القرار الصادر عن مؤسسة العدالة وذلك وصولاً للأسس التي عملت من خلالها مؤسسة العدالة والتي أتاحت لها التوصل إلى حسم النزاع، بغرض معرفة مدى تطبيقها القانون على وقائع النزاع المعروض عليها. من خلال المقابلة بين وقائع النزاع ونصوص أو قواعد القانون. ولا يتأتى ذلك للباحث إلا من خلال تتبع الخطوات التي سلكتها مؤسسة العدالة وما كان ينبغي عليها سلوكه ومن خلال هذه المقارنة نتوصل إلى صحة منهج المؤسسة وصحة ما توصلت إليه من عدمه، ويكون ذلك من خلال دراسة العناصر الواقعية للنزاع، ودراسة طلبات الخصوم، تكييف عناصر، دراسة الدفوع وأوجه الدفاع والبينات المقدمة، ومن خلال ربط جميع هذه العناصر ببعضها يتول الباحث إلى مدى صحة ما تم تقريره من عدمه.

2- تحديد المبدأ الوارد في القرار أو الحكم، فإذا كانت وظيفة المشرع وضع القواعد القانونية العامة والمجردة فإن مؤسسات العدالة من خلال عملها تتوصل إلى حلول عملية لم تتضمنها القواعد النصية وتستقر في عملها عليها فيما يعرف بالمبادئ القضائية، وما تطبيق المحكمة للنصوص ولو بصياغة ما إلا تطبيق للنصوص أو ما يعرف بالمبادئ القانونية العامة.

3- تحديد المسائل القانونية التي بحثتها مؤسسة العدالة، ومدى تبريرها لقرارها أو حكمها، وذلك من خلال إدخال الوقائع في فرضيات قواعد وصولاً إلى تطبيق حكم القاعدة على الواقعة، ولا يتقيد في ذلك بما وصف به الطالب أو المطلوب منه الوقائع، بل بما ينطبق عليها وما تقتضيه. ويكون الباحث متوسلاً في تحديده للصحة من خلال دراسة ما تم تبرير النتيجة به ومدى اتصاف هذه التبريرات بالقانونية وخلوها من التحريف والخطأ في الإسناد والكفاية وبعدها عن التناقض والقصور والمنطقية وعدم اتصافها بالفساد في الاستدلال.

وتتم العملية البحثية في استخلاص المبادئ من خلال الملكة القانونية ومدى فهم الباحث لقواعد القانون، وبإتباع خطوات معينة هي:

1- قراءة الحكم وفهمه بشكل جيد .

2- تحديد الموضوع الرئيسي الذي يتناوله الحكم أو القرار من خلال تحديد مجال الحكم وبالتالي يتحدد موضوع الحكم بأنه السبب الذي أدى إلى اللجوء إلى مؤسسة العدالة أو إلى الطعن في قرارها، لذلك عند استنباط المبدأ لابد من النظر إلى موضوع الحكم وليس موضوع الدعوى ومن الجدير بالذكر أن الحكم في بعض الأحيان قد يشتمل على أكثر من موضوع .

3- تحديد أفكار الحكم من خلال النظر إلى طلبات الأطراف أمام مؤسسة العدالة والدفوع والحجج التي قدمت وناقشتها مؤسسة العدالة وأعطت لكل فكرةٍ منها الحل الذي رأته مناسبا وكذلك ما أثارته مؤسسة العدالة من تلقاء نفسها من أفكار

4- دراسة التبريرات ومنطوق الحكم بغية استنباط المبدأ وصياغته بلغة سهلة وبسيطة توضح ما استقر عليه اجتهاد مؤسسة العدالة في المسألة المعروضة عليها، وكذلك صياغته بألفاظ عامة مجردة ليستأنس به في القضايا المشابهة ولا تنحصر بالحكم المبحوث ليعتبر المبدأ بموجبها بمثابة قاعدة قانونية أعم وأشمل تصلح لتطبيقها على أكثر من واقعة

وبهذا يكون أثر مؤسسات العدالة فيما جاء في المادة 239 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي نصت على أنه (إذا تبين لإحدى دوائر محكمة النقض أنها ستخالف سابقة قضائية مستقرة للنقض تنعقد بكامل هيئتها لإصدار حكمها ، ويكون حكمها واجب الإتباع لدى المحاكم الأخرى في جميع الأحوال) وهذا دور ذاتي للمحكمة ويمكن للباحثين أو يوصلوا المحكمة له من خلال دراسة أحكام المحاكم وبيان مدى التعرض بينها . وكذلك ما جاء في المادة 25 من قانون تشكيل المحاكم من أنه (تنعقد المحكمة العليا بحضور أغلبية ثلثي عدد أعضائها على الأقل بناءً على طلب رئيسها أو إحدى دوائرها في الحالات التالية: 1- العدول عن مبدأ قانوني سبق أن قررته المحكمة، أو لرفع تناقض بين مبادئ سابقة. 2- إذا كانت القضية المعروضة عليها تدور حول نقطة قانونية مستحدثة، أو على جانب من التعقيد، أو تنطوي على أهمية خاصة.). وما جاء في المادة 27 من قانون تشكيل المحاكم من أنه (يختص المكتب الفني بما يلي: 1- استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومراقبة نشرها بعد عرضها على رئيس المحكمة. 2- إعداد البحوث اللازمة. 3- أية مسائل أخرى يكلفه بها رئيس المحكمة العليا.).

بطاقة العمل

اسم المستقل
عدد الإعجابات
0
عدد المشاهدات
161
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز
المهارات