إذا لم تكن قد قرأت عن "تاريخ السرطان - History of Cancer" فأرجو أن تُفسح لي صدرك قليلا ، ظهر بمصر أقدم وصف طبي بالتاريخ للـ "السرطان - Cancer"، فإلي جانب وجود بعض المومياوات تحمل أثار لسرطان العظام ، ورد له وصفا طبيا بعدة برديات من مصر القديمة وبخاصة "بردية إدوين سميث - The Edwin Smith Papyrus" والتي يرجع تاريخها إلى عام 1600 ق. م ، ومدون بها نصوص تعود إلى عام 3000 قبل الميلاد ، سُميت على إسم عالم المصريات ألأمريكي الذي اشتراها من الأقصر عام 1862م وظلت بحوزته حتى وفاته وبعدها أودعت بـ "أكاديمية نيويورك للطب - New York Academy of Medicine" ، والبردية تُعد أول وثيقة طبية في تاريخ البشرية ، عبارة عن ملف طوله خمسة عشر قدماً تصف ثماني وأربعين حالة من حالات الجراحة التطبيقية وتقدم لنا البردية وصفا دقيقا للسرطان ، فضلا عن أساليب اجراء إزالة لأورام الثدي بطريقة الكي، كُتبت البردية بواسطة الطبيب المصري "أمنحوتب - Amenhotep"
.
يطل علينا الوصف التالي للـ"السرطان - Cancer" من الحضارة اليونانية عام 370 قبل الميلاد لدى "ابقراط - Hippocrates" أبو الطب وأعظم أطباء عصره، أول من أعتمد في ممارسته للطب على الملاحظة الدقيقة فقط ، فكان يؤمن أن لكل حالة مرضية تفسير علمي ، عكس ما شاع في عصره من تفسيرات خُرافية للامراض ، فنجده يصف عدة أنواع من السرطان ، مشيرًا إليها بمصطلح "karkinos carcinos" وهي تعني سرطان البحر باللغة اليونانية الذي ظل يحمل نفس الأسم لدقة التشبيه الأبقراطي لشكل السطح المقطوع للورم الخبيث الصلب ، فكان ضد التقليد اليوناني لأجراء جراحه في الجسم المصاب به ، بل اعتمد العلاج لديه على حالة المريض النفسية ولكل حالة ما يلائمها من "نظام غذائي أو أدوية"
.
عبر القرون وبإختلاف الحضارات تم اكتشاف أن السرطان يمكن أن يصيب أي مكان في الجسم ، ولكن ظل العلاج القائم على نظرية الحالة النفسية عند "ابقراط - Hippocrates" شائعاً حتى القرن التاسع عشر ، وأستمرت المعضلة التي وصفها الطبيب المصري "أمنحوتب - Amenhotep" من ألاف السنين لم تحل بعد.