كتابة أسطورة من الأساطير الأغريقية الرومانسية لا يعلم عنها الكثير

تفاصيل العمل

حين يقع في الحب "أيروس - Eros" آله الحب نفسه عند الإغريق فكيف تكون قصته ؟

.

كانت "سايكي - Psyche" فتاة بجمال خاطف للأنفاس، تفوقت في الجمال حتى على إلهة الجمال "أفروديت - Aphrodite"، كان جمالها معروفًا في مُدن وقرى بلاد الأغريق لدرجة أن الرجال كانوا يأتون من جميع أنحاء البلاد لمجرد رؤيتها للإعجاب بجمالها، أثار هذا غيرة وحسد "أفروديت - Aphrodite" ربة الجمال، فأمرت ابنها الإله "أيروس - Eros" إله الحب الوسيم ذو الجناحين، المسلح بقوس وجعبة مليئة بالسهام الذهبية التي تجعل أي شخصً يقع في الحب بضربه من سهامه، أن يجعل "سايكي - Psyche" تذوق العذاب وتقع في حب أشر وأحقر إنسان وجد يوما وسار على وجه الأرض ..

.

وهكذا ذهب"أيروس - Eros" إليها والتقط من جعبته سهما ذهبيا وثبته في القوس وهم بضربها في القلب، عندما حدق إيروس في وجه "سايكي - Psyche" فسلب لبه جمالها الطاغي فإنتزع السهم من قوسه وجرح نفسه به ووقع في حبها هو، وظل في وضعه هذا ناظرا إليها وهي تعيش حياتها مشدوها ماسكا بقوسه في يده ثم أستفاق وعاد إلي مملكته في السماء وقد فشل في تنفيذ أمر أمه أفروديت ولكنه حرص بوصفه إله الحب على أن لا تحب احد ولا أحد يتزوجها، ومرت السنوات ..

.

وعلى الرغم من جمالها الساحر لم تستطع "سايكي - Psyche" الزواج، كان جميع الرجال معجبين بجمالها الإلهي المعجز الذي يترك تأثيرا ورهبة داخلية تجعلهم لا يجروء شخص منهم على طلبها للزواج وكانوا يتزوجون من أخريات، وتزوجت شقيقاتها الأقل منها جمالا، فقرر والداها الذهاب لعرافة وكاهنة الإله "أبولو - Apollo" إله النبوءة في معبده لطلب النصح والإرشاد، فأرشد "أيروس - Eros" أبولو أن يجعل عرافته تقول لـ"سايكي - Psyche" أنها ستتزوج وحشًا قبيحًا كثعبان مجنح لن تتمكن من رؤية وجهه أبدًا، وهذا حكم الألهة ويجب أن ترضى به، فأخبرتها العرافة بذلك وأن عليها أن ترتدي ملابس سوداء وتتسلق جبلًا مرتفعًا بمفردها وتبقى هناك على قمة الجبل وحدها حتى يأتي لها زوجها، لم يكن هذا ما يأمله والداها لأبنتهما الفاتنة حيث لم يكن من المفترض أن يكون لها مثل هذا القدر التعيس ، لكنهم قرروا المضي قدمًا ولم يكن أمام "سايكي - Psyche" ووالداها خيار سوى اتباع العرافة، وبينما كانت تنتظر بمفردها على قمة الجبل ترتجف وتبكي بعد رحلة تسلق الجبل الشاقة ، هبت ريح قوية إقتلعتها من مكانها وسافرت بها عبر السماء إلى بوابات قلعة مهيبة ، وهناك عند بوابة القلعة استقبلها صوت جميل وجعلها تشعر وكأنها في بيتها قائلا : "سايكي - Psyche" أنا زوجك، أنت أجمل فتاة في هذا العالم، أنت الجمال ذاته، حتى ان إلهة الجمال تغار منك، لكنها لم تكن ترى المتحدث في الظلام فأخبرها بأنه دائمًا ما سيزورها ليلاً، وحذرها من محاولة رؤيته وأنه يجب أن تثق به ..

.

كانت القلعة لا نظير لها كانت كالحلم في ضوء الصباح، عاشت الفتاة فيها يرعاها خدم غير مرئيين وحين يأتي الليل ويغلف الظلام كل شئ يأتي إيروس حتى لا تراه فكان يجلس في الظلام بجانبها ويتناجيان طويلا وكان حنانه وحبه الهائل الذي أظهره لها جعلها سعيدة للغاية، شعرت "سايكي - Psyche" أنه ليس وحشًا بل الزوج المحب الذي طالما كانت تتمناه، مرت الأيام التالية بفرح كامل ولم تستطع سايكي تذكر أي وقت كانت أكثر سعادة في حياتها من تلك الأيام، ومع ذلك يومًا بعد يوم كانت تشعر بالقلق لأنها لم تستطع رؤية زوجها، علاوة على ذلك تُركت وحيدة طوال النهار وملأ الضجر قلبها وبدأت تفتقد عائلتها، لا بد أنهم كانوا في حداد عليها وكانت على قيد الحياة من مغامرة تسلق الجبل وسعيدة أيضا، فلم يكن هذا عادلاً ولم تكن تريد أن تعاني عائلتها، فطلبت من "أيروس - Eros" السماح لها برؤيتهم ووافقها على رغبتها بعد تحذيرها من التأثر بحديثهم وإلا ستنهار علاقتهم وستعاني كثيرًا فوافقت ..

.

في اليوم التالي وصلت أختاها تحملهما الريح إلى القصر، شعروا بالغيرة من أختهما التي تعيش مثل إلهة في هذا القصر الذي كالحلم، وأخبروها أن زوجها لم يسمح لها برؤيته فمن المؤكد أنه الأفعى المجنحة التي أخبرتها بها العرافة وإلا فلماذا لم تراه بعد تلك المدة التي تأكدتما فيه من مشاعركم تجاه بعضكم، ومن ذلك اليوم فصاعدًا لم يكن بإمكان "سايكي - Psyche" التفكير في أي شيء آخر سوى هذه الكلمات، لابد أن أخواتها على حق، لماذا لا يأتي إلي في النهار؟ لماذا لا يسمح لي برؤيته؟ ما سره؟ لماذا لم يخبرني قط عن حياته؟ كانت هذه الأفكار تحيرها، فلا بد أنه يخفي شيئًا فظيعًا ولهذا لا يريد أن يُرى في وضح النهار، فوضعت خطة لرؤيته ..

.

قررت أنه عندما ينام "أيروس - Eros" بجانبها ، ستضيء شمعة واحدة في الظلام لرؤيته، لترى إذا كان وحشًا أم بشرا وهكذا فعلت وشعرت بارتياح عميق، لم يظهر نور الشمعة وحشا بل أجمل رجال رأته عين بشر، وسقطت على ركبتيها وشكرت الآلهة على هذه السعادة، فسقطت قطرة زيت من الشمعة على ظهر ذلك الشاب الوسيم فاستيقظ من الألم ورأى النور، نظر إليها في عينيها وغادر غرفة نومهما دون أن ينطق بكلمة واحدة، الحب لا يمكن أن يعيش بدون ثقة كانت تلك جملته الأخيرة لها قبل أن يطير إلى السماء المظلمة ويختفي، فعرفت أن إله الحب كان زوجها ولم تثق به، بكت وبكت لعدة أيام ثم قررت أن تفعل أي شيء لاستعادته، وستثبت حبها له ..

.

ذهبت "سايكي - Psyche" إلى معبد أفروديت وشرعت بالصلاة للإلهة وطلبت من أفروديت التحدث إلى ابنها وإقناعه باستعادتها، سمعت أفروديت صلاتها ودعائها وبرغم ذلك لم تتغلب بالطبع على غيرتها من "سايكي - Psyche" وما زالت تريد الانتقام منها، فأخبرت الفتاة أنها بحاجة إلى التأكد تمامًا من كونها هي الزوجة المناسبة لابنها الاله، لذلك يجب أن تنجز "سايكي - Psyche" ثلاث مهام لإثبات جدارتها بالزواج من الإله ايروس، وإذا فشلت حتى في إحدى هذه المهام فسيضيع إيروس إلى الأبد، فوافقت "سايكي - Psyche"وقادتها أفروديت إلي تل مرتفع من كثبان لبذور صغيرة مختلفة من القمح والخشخاش وغيرها الكثير وقالت إفروديت أريدك أن تفصلي هذه البذور بعد ظهر هذا اليوم وإن لم تفعلي فلن أدعك ترى إيروس مرة أخرى، وإذا هي في حيرة من أمرها مرت مجموعة من النمل ورآها في حالة من اليأس، قالوا لبعضهم البعض اشعروا بالرحمة لهذه الفتاة المسكينة ودعونا نساعدها، استجابوا جميعًا لهذا النداء وعملوا بجد وفصلوا البذور وهو الشيء الذي كانوا خبراء فيه فهم قادرون على الوصول لحبة سكر وسط كثبان رمال الصحراء، فشكلوا عدة كثبان أصغر لكل منها نوع من البذور، رأت هذه الكثبان الصغيرة أفروديت وأصبحت غاضبة لانها نجحت في المهمة الاولى

.

في صباح اليوم التالي جاءت أفروديت بإختبار جديد وهي مهمة خطيرة، فأشارت بأصبعها إلي الأفق قائلة هل ترى تلك المياه السوداء التي تنحدر من التل؟ هذا نهر إستيج الفظيع والمقيت قالت الإلهة املئي هذه الزجاجة بماءه عند وصولك إلى الشلال ،ذهبت سايكي للشلال وأدركت أن الصخور المحيطة بالشلال كانت زلقة ومنحدرة واندفاع المياه عبر هذه الصخور كان رهيبا وقاتلا، لا يمكن إلا لمخلوق بجناحين الاقتراب منها، وبالفعل ظهر من العدم نسر كان يطير بجناحيه الضخمين فوق النهر حين رأى سايكي وتعاطف معها، فأخذ منها الزجاجة بمنقاره وملئها ببعض الماء الأسود وأعادها إليها، فعادت ادراجها لأفروديت وأعطتها الزجاجة، قالت إفروديت بحدة إن شخصًا ما يساعدك ولا أدري من هو فلا دليل لدي، لذا فهي نجحت في انجاز المهمة الثانية

.

قالت لها افروديت سأعطيك فرصة أخرى لإثبات أنك جديرة بالإله كما تدعي، أعطتها صندوقًا وكان عليها أن تأخذه إلى العالم السفلي عند إله عالم الموتى هاديس وتطلب منه أن تستنزف القليل من جمالها ويضعه في ذلك الصندوق وتترك الصندوق لديه وتجلب منه قارورة وأمرتها أفروديت ألا تفتح تلك القارورة مطلقا، كانت أفروديت تعلم أن فضول المرآة سيدفعها إلي فتح القارورة ووقتها ستهلك، سلكت سايكي الطريق المؤدي إلى"هاديس - Hades" إله مملكة الموت، وعندما بوابات العالم السفلي أخذت القارب إلى العالم الآخر حيث المكان الذي اعتاد الموتى مغادرة الأرض اليه ، أعطت الكثير من المال لشارونتي الملاح والمرشد للعالم الآخر لمساعدتها في العثور على طريقا في الظلام إلى قصر إله العالم السفلي في الواقع ساعدها الملاح وبعد فترة كانت أمامه وعندما طلبت منه أن تُسكب من جمالها في الصندوق ففعل ذلك ببساطة اثارت استغرابها وقال لها إنه يكره أفروديت لذلك سيساعدها وأعطاها القارورة، أخذ سايكي القارورة وعادت أدراجها مبتهجة وبينما هي في الطريق وقعت سايكي ضحية لفضولها وفتحت القارورة، فالفضول الانثوي كان طاغيا كما خططت افروديت، فاستنشقت رذاذ عطر خرج منها لتسقط في نوم عميق أقرب للموت وهو نوم أبدي لا ينقطع أبدا ..

.

في تلك اللحظة الحاسمة كان آلهة الأوليمب يراقبون كل تلك الأحداث طوال الوقت ويساعدون "سايكي - Psyche" عن طريق النمل تارة والنسر تارة أخرى، وقرروا الأن التدخل بشكل مباشر وإتخاذ إجراء حاسم، فأرسل زيوس كبير الالهة رسوله ليروي لإيروس كل تلك المصائب التي كانت تمر بها زوجته من أجله، فعرف كل شيء و غادر غرفته وأنطلق إلي حيث سايكي في العالم السفلي، فأوقظها أيروس بعناق وقبلة محبة أزالت اللعنة ومنها جاء مصطلح قبلة الحياة، فرأى كل منهم الاخر لأول مرة في الضوء الساطع كانت لحظة رائعة تحدثا فيها سويا وتصالح معها وعاد الحب بينهما وعاد بها إلي قصره في السماء، ومن ذلك اليوم عاش الزوجان معًا في سعادة أبدية، وكهدية زفاف سمح زيوس كبير الألهة الأغريق لسايكي بتذوق مشروب الآلهة أمبروسيا مما يجعلها خالدة لا تهرم أبدا واصبحت الهة الروح لتعيش بينهم في عالمهم، حتى الهة الجمال أفروديت كانت سعيدة لأنه الآن بعد أن عاشت سايكي في السماء مع زوجها ، نسى الرجال على الأرض كل شيء عنها وعادوا مرة أخرى لإلهة الجمال الحقيقية ..

.