هل تريد قصة عن البقاء وحيدا أغرب من فيلم Cast Away حدثت في مصر ؟

في 5 مايو من عام 2017م تقطعت السبل بـ"محمد عائشة - Mohammed Aisha" البحار السوري بعد أن تُرك وحيدا على متن سفينة شحن عملاقة ملعونة قُرب السواحل المصرية لميناء الأدبية بإتجاه قناة السويس، وظل على متن السفينة وحده لمدة 4 سنوات حتى سمحت له السلطات المصرية أخيرا بمغادرة السفينة بعد احتجاز دام أربع سنوات، لماذا ترك وحيدا ؟ وكيف كانت تجربته القاسية في الحياة على متن سفينة مهجورة ؟ حسنا .. سأخبرك

.

كان محمد كبير الضباط على سفينة "إم في أمان - MV Aman"، واحتجزت سفينته في مصر عام 2017م بسبب انتهاء صلاحية معدات الملاحة وشهادات السلامة وهذا شرط لعبور قناة السويس، لكن مقاولي السفينة اللبنانيين فشلوا في توفيق الأوضاع ثم فشلوا أيضا في دفع ثمن الوقود للسفينة للعودة، وكذلك مالكو السفينة في البحرين كانوا يواجهون شبح الإفلاس فأستقرت السفينة في مكانها، ثم بدأ أفراد الطاقم الآخرون بالسفينة بالمغادرة فتُركت السفينة بلا وقود منذ ذلك الوقت متوقفة أمام الشواطئ المصرية وكان القبطان مصري فغادر السفينة إلى الشاطئ، فأعلنت المحكمة المصرية أن البحار السوري أصبح هو الوصي القانوني للسفينة حتى تُباع السفينة أو لحين إيجاد بديل عنه، ووقّع على الحكم دون أن يعرف معناه وصادرت الحكومة جواز سفره فأصبح لا يمكنه أن يطئ الأراضي المصرية ما تسبب في احتجازه على متن السفينة بحياة بدون كهرباء أو صرف صحي وكان ملزمًا قانونًا بالبقاء على متنها ولم يكن يتقاضى أجرًا ..

.

في أغسطس 2018م، علم أن والدته المعلمة المسؤولة عن لغته الإنجليزية الممتازة قد توفيت، فكان مُحبطًا وشعر بتوعك متزايد قال وقتها : "لقد فكرت بجدية في إنهاء حياتي"

.

في مارس 2020م، هبت عاصفة قوية دفعت السفينة خمسة أميال (8 كيلومترات) فجنحت في النهاية على بعد بضع مئات من الأمتار من الشاطئ، كان الأمر مرعباً بالنسبه له فقد كان وحيدا ليس قبطانا قادر على القيادة، لكن لاحقا بعد أن هدأت العاصفة اعتقد محمد أن تلك العاصفة كانت عمل من أعمال الله، لأنه أصبح بعدها قادرًا على السباحة إلى الشاطئ كل بضعة أيام لشراء الطعام وإعادة شحن هاتفه، وهكذا أُُجبر محمد على السباحة خلسة مئات الأمتار إلى الشاطئ المصري كل يومين أو ثلاثة لشحن هاتفه وشراء الطعام والشراب، ظل يفعل ذلك صيفا وشتاءا لسنوات مرت فيها الحياة بطيئة بمحمد، لقد شاهد السفن وهي تبحر من وإلى قناة السويس القريبة، وأثناء الانسداد الأخير الذي سببته سفينة الحاويات العملاقة إيفر جيفن أحصى عشرات السفن في انتظار العبور، حتى أنه رأى شقيقه وهو بحار أيضا يبحر أكثر من مرة عبر قناة السويس ذهابا وعودة ..

.

قال مالكو السفينة : إننا حاولنا مساعدة محمد لكن أيدينا كانت مقيدة، فلا يمكننا إجبار القاضي على سحب الوصاية القانونية، ولم نتمكن من العثور على شخص واحد على هذا الكوكب يقبل أن يحل محله، قالوا إن محمد ما كان يجب أن يوقع على الأمر القضائي في المقام الأول حتى أستطعنا في النهاية حل المشكلة مع القضاء المصري، وبعد أن أمضى ما يقرب من أربع سنوات على متن السفينة تم إطلاق سراحه وسافر إلي سوريا من مطار القاهرة، وبسؤاله في المطار كيف يشعر الآن ؟ قال وكأنني أخيرًا خرجت من السجن الإنفرادي، سألتحق بأسرتي .. سأراهم مرة أخرى

.