تفاصيل العمل

أدب الفكر وفكر الأدب، هو كتاب يحوي عددا من المقالات حاولت من خلالها ممارسة الفكر بلغة الأدب، وكتابة الأدب بروح الفكر، فكم من مفكر قد جال بفكره وصال، وبنا وهدم، ونقد وحلل، وغار في لجج الفكر بدقة نظره ونفاذ رأيه، وكم من أديب قد بلغ العلى من ناصية اللغة، وقطف من قطوف بلاغتها، وذلل عصيات الكلم، إلا أن البون بين الفريقين شاسع والمدى فيما يملك كل واحد منهما واسع، فإذا جئت تقيم الأول بما عند الثاني ظهر تهافت أسلوبه ورداءة بلاغته، وإذا ذهبت تقيم الثاني بما عند الأول بان ضعف نظره وقلة حيلته، وقل أن تجد من وفق في التقريب بينهما، وائتلف عنده ما يملكه كل واحد منهما من فكر وأدب.

محاولتنا في هذا الكتاب ليست الأولى في نهجها ولا الفريدة في خطتها، فقد سار على هذا الدرب كثير ممن عرفاهم وقرأنا أعمالهم، وممن لم نعرفهم ولم تصل إلينا مؤلفاتهم، ولا ندعي أنها الأقرب إلى التوفيق بين الفكر والأدب ولا الأوفى إلى هذه الغاية، وإنما نزعم أنها إحياء لما قد انحصر إنتاجه على الصحافة والإعلام، وتجديد ولما قد اقتصر التجديد فيه على فنون دون أخرى، وتحرير ولما قد تم احتجازه في مذاهب وأنماط، ونقد لما قد تجاوزه معول النقد، وتحليل لما قد استعصى عليه منهج التحليل، وبين كل هذا وذاك يمكننا القول بأن محاولتنا هذه ما هي إلى جمع بين أدب الفكر وفكر الأدب.

إن الأدب والفكر في الجزائر مجالان متباينان لا وجود لوسط يجمعهما، وسبيلان مفترقان لا تقاطع بينهما، لا يعرف الأول عن الثاني إلا السطحية والغثاثة، ولا يملك الثاني من الأول إلا الصف والتجويف، فحال الأدب ممسوح من دقة التحليل ووضوح التدليل، ومقال الفكر مكسو بالكلام الخلاب والعبارة الجوفاء، وبين هذا وذاك أرسلنا نظرنا وأطلنا في تأملنا، وأوغلنا في تدبرنا مقتحمين عباب الفكر وبحور الأدب، بقوة لا تعرف الفتور وعزم لا يعرف الكلل، وشجاعة لا هوادة فيها، آملين أن نكون قد بلغنا غايتنا ومقصدنا في التوفيق بين قوة البيان وعمق الفكر، والجمع بين ناصية البلاغة وأصالة الحكمة، في قالب سميناه أدب الفكر وفكر الأدب.

ملفات مرفقة

بطاقة العمل

اسم المستقل سيد علي ب.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 24
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز