في ذكرى ميلادي أكتب..
"وليد الطوق"
في ذاك اليوم المشهود من العام 1993 كان الطوق الصهيوني يلف القطاع وأنياب ذاك العدو اللعين تغرس في خاصرة وطني ألف سكين، لم تأبه أمي لذاك الطوق ففتحت الباب على مصرعيه، وهمت تنادي الجارة أم جياب، وألم المخاض يناديها أسرعي..
فأطلت عليها أم جياب من النافذة والمشط في يدها متحمس ﻷن يداعب ما تبقى من خصال في شعرها.. أسرعي يا أم جياب..
ألقت أم جياب ذاك المشط على طول يدها ولم تغب سوا دقيقتين كانت قد لبست فيهما تلك الشاشة والداير.. واللذان أضحيا من الماضي.. أقدامهما باتت تطأ شوارع غير معتادة قط، وألم المخاض يغلي في رحم أمي حد التبخر.. طال المسير وأم جياب تسندها تارة وتصبرها تارة أخرى، وأنا أستعجل الخروج.. ولو عمرت ألف عام لكنت سعيد، وصلت امي أخيرا إلى تلك العيادة القابعة وسط المخيم.. ولكن المثير للدهشة أن العيادة بجانب ذاك المركز المشئوم والذي يعج بعهرة هذا المحتل وجنده..
لربما هو القدر من حال دون أن أكون وليد السجن!
مضت الدقائق وأمي تفترش ذاك السرير والذي شهد على ولادة آلاف الأطفال.. منهم من أصبح بطلا ومنهم من غدا شهيد ومنهم الأشراف والأذلة وكذا من لوثه طاعون هذا المحتل ووقع في شركه.
لم تطل تلك القابلة وهي تحملني تهزني بين أكناف يديها لأمي تقدمني وزغرودة أم جياب من فؤادها نشرت الفرح على جبين الغيم..
لقد جائك صبيا كما القمر، قالتها القابلة وهي تغازلني بنظراتها. لم أكن أعرف أنواع الغزل ﻷغمزها أو أرسم فوق لوح قلبها قصيدة عشق سوا أنني رضعت لبن الحرية وشهقت من وطني أنفاس الثورة، وبدأت أقفز بين الأيام يأسرني نغم الرصاص، يحركني
جبروت القلم..باتت سياستهم الكاذبة تخنقني.
فزرعت الورد ورويته من فؤادي حتى كبر وترعرع فنقشت مبادئي على خد كل ورقة.. ثم جلست على ضفاف المجد أطالعهم..
أطالع متعة منزوعة الضمير تسود حياتهم..
أطالع ثروة بالملايين من دون عمل تملأ حساباتهم..
أطالع معرفة يتغنون بها لا أرى فيها قيماً ليتني لم أراهم
الطوق يلف عنق عروبتي وما زلت أنظر، وأنتظر…
ربما السجن؟ أو الموت؟ أو ظل وردة!
محمود الكردي 27/11/2018
اسم المستقل | محمود ا. |
عدد الإعجابات | 0 |
عدد المشاهدات | 23 |
تاريخ الإضافة | |
تاريخ الإنجاز |