لابد من أن يأتي الربيع فالخريف أسقط أوراق أحلامنا أرضاً والصيف أحرقها والشتاء برياحه وعواصفه بعث برماد أحلامنا إلى ذلك المجهول.عشنا صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل بل وقدمنا تضحيات جسام من أجل أن نحقق تلك الأحلام التي كانت تسير بجوارنا كالظل فكانت تُعبرعنا تُثبت هويتنا وحقنا المشروع في الحياة ولكنها كُبلت بالأصفاد والأغلال في آن واحد.ولم يُسمح لها بفك لجامها كي تخطو طريق التحقيق والتنفيذ.نعم رحلت أحلامنا نُصب أعيننا ولم نفعل شيئ غير أننا سطرنا أبياتاً تُرثيها.ولعل وصف ما حل بنا لخصته حكايات الماضي حينما أخبرتنا عن الحارث بن عباد الذي اعتزل حرب وخصومة أبناء عمومته طيلة فترة حرب البسوس التي استمرت أربعين عاماً. وكان حلمه الوحيد الذي يراوده هو انتهاء الحرب حقناً للدماء.فقدم ابنه قرباناً لأصحاب الثأر وبالفعل قتلوه وبعثوا برسالة قاتلة للحارث فيما معناها بإن ابنه يساوي شسع نعل قتيلهم. وكان قلب الحارث يعتصر ألماً حتى أغمض جفونه لتستوعب نوبة الألم ليجد نفسه ممتطياً جواده المسمى بالنعامة ليثأر من قتلة ابنه المظلوم بُجَيرَ ويُرثي ولده بكلمات خالدة ليقول
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لا نَبيعُ الرِجالَ بَيعَ النِعالِ
يا بُجَيرَ الخَيراتِ لاصلحَ حَتّى
نَملَأَ البيدَ مِن رُؤوسِ الرِجالِ
قَتَلوهُ بِشِسعِ نَعلٍ كُلَيبٍ
إِنَّ قَتلَ الكَريمِ بِالشِسعِ غالِ
وهكذا استطاع أن يُحقق الحارث حلمه بإن تنتهي الحرب بعدما ثأر لولده بقتله مئات الرجال حتى طُلب منه الصلح وأن تنتهي الحرب. وكان مشهودٌ له بالحلم والعفو عند المقدرة وبالفعل انتهت الحرب بالصلح. لذلك سنقاتل من أجل تحقيق أحلامنا حتى وإن رحلت.
*شسع النعل هو الخيط الموجود بالحذاء
*البيد تعني الصحراء
بقلمي د/المغربي
اسم المستقل | Mahmoud E. |
عدد الإعجابات | 3 |
عدد المشاهدات | 111 |
تاريخ الإضافة |