تفاصيل العمل

يا صديقى.. ليس هناك أقسى من وجع امرأة فتحت أبوابها للريح.. وتركت قلبها معلقا على بوابة المدى كحارس الظلام.. يردد بحنجرة مثقوبة أغانى الشوق للغائبين.. للوجوه التى كلسها الملح على أرصفة الموانىء.. و الأكف المحنطة بالتلويح فى مدن الغياب..

يا صديقى .. ليس هناك أقسى من طعم المسافات على شفة امرأة تقف على آطراف روحها فى آخر الليل.. لتنظر من ثقب صغير فى حائط الوقت .. عن أول رجفة للضوء هربت متوجسة من العسس كى تنسال على بابى.. فتضىء كل حيطان الليل .. وأرى بعين نصف مفتوحة ذلك الزمن الممدد ما بين صوتى والصدى...

....................................

"تعالي نقتسم رغيف الحزن معًا"

ولكن عديني ألا تبكي في حضرتي

يمكننا أن نؤجل البكاء قليلًا

حتى نسكبه فوق وردة

يمكننا أن نؤجل البكاء قليلاً

حتى أحكي لك عن بودلير

عن تي اس إليوت

عن لوركا

ربما قرأت عليكِ

بعضاً من شعر طاغور

أو ربما قرأتك بيتينِ من شعري المقفى

قبل أن أعرف طريقي

إلى قصيدتي الحميمة

إنثاي التي تعرفني

هل أخبرتك قبل الآن

أن القصائد خلقت قبل أن نكتبها

وأن القصائد هي التي تكتبنا

نحن يا حبيبتى عرايا أمام قصائدنا

دعينا نغني الآن

فقبل الغناء كان بوسعي أن أكون عازفًا

هل تذكرين ذات خصام

أني طلبت اصبعك

ليكون خصامنا قائماً؟

لم تستجيبي وقتها

وكان هذا محببًا

فبأي إصبع كنت سأجافيكِ

ذلك الذي يكتب القصيدة

أم الذي يعزف على القيثارة؟

أم ذلك الذي يتحسس الحب خلسة

وأي إصبع يمكن له

أن يصنع خصامًا بقدر هذا الحب؟

فالأصابع التي تبدر الحب للعصافير

لا تصلح للخصام

فكيف إذاً ستعزف لحنًا

أو ترسم صدر امرأة حرًا

أو تنثر قصيدة غير مألوفة

الآن أنا لا أريد أصبعًا

ياحبيبتي مدي كامل كفكِ

وتعالي أقرأ لكِ

شيئًا عن الحب

به تلمسين قلبي

تلمسين لب كل الأشياء

فأينما يكون الحب

فثم وجه الله..

.

.

...................................................

دعك من لعبة تبادل الأدوار.. دعك ممن ينتظر وممن لا يعود.. وتعال لنتحدث كأي عاشقين أحمقين أجادا الاحتراق تحت شمس المواعيد المؤجلة.. فأتقنا الفراق بكل عبقرية، مثلما أجادا مسبقا فتح نوافذ الليل على دهشة الأساطير والتحليق في مدى الخيال كفراشتين مهووستين تفتتا في أول بقعة للنور وتتناثرا على عتبات الصبح كلهفتين وبعض رحيق..

.. تعال لنتحدث وكأننا لسنا أولئك الطفلين اللذان بعثرا حواسهما في الريح ذات جنون وهما يضحكان. ثم باتا يقيمان صلاة الشوق فوق صدر المسافات..تعال وحدثني عن احساس السماء وهي تنسحب من أفق العصافير واسمع لي وأنا أخبرك عن وجع العصافير وهي تائهة في الفراغ بينما الأوطان تبتعد..

دعك من لعبة تبادل الأدوار هذه واتقن دورك بكامل موتك وساعدني لنقم جدار الغياب قبل أن ينقض فتكتشف تحته موتي..

..

..............................................

يا صديقى.. أنا امرأة متخم بريدها بالغياب ولا أملك ذلك القدر من الحسن حتى تفاجئني وردة على عتبة بابي أو أتسلم بريد الشوق من مجهول.. أو يهديني أحدهم نجمة ماسية تلمع في ليل سهدي الطويل..

أنا لا أتقن سوى الكتابة.. اكتب عن حكايا الحب بأصابع خشنة.. أصابع السارد لا البطل..

وأنت تعلم أن الأصابع الخشنة تفلتها أصابع الحب مبكرا .. فلا يليق بها ضم أصابع اللهفة كما تصور كذبا في القصائد.. ولا تهتم لخدر يفتت غيرها عند فتنة المواعيد..

لا يليق بالأصابع الخشنة سوى عد أزمنة الغياب وقياس مسافات الحنين وحساب مواسم الفقد..

حاولت ذات جنون أن ألعب دور بطلة الرواية.. أن يحبني أحدهم ليوم أو بعض يوم..

وانتظرت..

انتظرت كأغنية شوق تجوب المقاهي الفارغة.. وبت كوردة وحيدة تنتظر مواسم المطر..

وكان موعدنا الحلم.. رجل يخرج من أسفار جنوني.. يهديني جناحين من ياسمين.. ويمنحني فرصة التحليق في مدارات الحب حتى الضياع.. ويكتبني في القصائد شمسا..

وردا..

موسيقى..

ويمنحني عناقا خالدا لا يزول رحيقه أبدا..

وعند الفجر يتسلل خارج مدى الأحلام

ويتركني وشهقة لهفة على سرير من ورق.. أحاول أن أتهجى وجهه..

عطره.. أنفاسه..

صوته..

عناقه..

فعجزت..

كيف تكتب هذه الأشياء.. كيف تصفها حواسي لأصابعي؟ وكيف ستصفها أصابعي للقصيدة؟

لهذا قضمت كل أصابعى .. وعدت كما كنت قبل الحلم.. عدت لعد أزمنة الغياب وقياس مسافات الحنين وحساب مواسم الفقد..

وللآن مازلت أعد..

مازلت أعد..

م

ا

ز

ل

ت

أ

ع

د

.

.

.

......................................

يمكننا أن نقف الآن ..

.

.

لا خطوات جديدة للأمام

يمكننا أن نقف هنا

كى نخلع عنا

تلك الجلود الميتة

ونقنع أنفسنا

بأن فنارات الحلم

كانت بعيدة منذ البداية

يمكننا أن نتعلل

بأن الريح

فكت أزرار الأشرعة المتعبة

فسقطت عن جسد المراكب

عند أول شهقة للموج

وضاعت فى حواس الماء

دون رجوع

..

يمكننا أن نقف هنا

وأن نلوح بإبتسامة حقيقية

عند الوداع

وأن نصنع عناقا

لا يسقط مع الأيام

من شقوق الذاكرة

وقبلة ليست لها طعم الخمر

ولا تثمل أحدا

..

يمكننا الآن أن نضحك

بشهية أكبر

وأن نعيد شحن رصيد الكلمات

بحناجرنا

وأن نمد حبالنا الصوتية أكثر

كى نستعيد نكهة

لغتنا الأولى

دون رتابة

أو ملل

..

هنا

يمكن للمرايا

أن تحتفظ بوجوهنا للغد

دون أن يغبشها

ضباب إرتباك

إذا ما التقينا مصادفة بطريق

..

هنا يمكننا أن نصنع فقدا ناضجا

لا يأتيه الهوج من بين يديه

ولا من خلفه

فقد

لا يحفل بضجيج الحنين

فى الردهات القديمة

ولا ينصاع لوجه

يشكله بخار القهوة

فى الغرفة الفارغة

فقد

لا يذعن لرائحة الرغبة

فى لعثمات الحرير

ولا يمد يديه

ليلتقط قطرة عطر

تهطل من ثقب الذاكرة

..

يمكننا أن نقف هنا

ليغرس كل منا وردته

فى دم الآخر

كى تبقى بعد الرحيل

مغموسا في ا

وأبقى مغموسة بك

..

يمكننا أن نفتح الأقفاص

لكل الأسرار

التى سجناها سويا

نحررها

كأسراب حمام

لتهرب نحو ظل القمر

وأن نجفف

آخر قطرة نبيذ

من فوق شفة النشوة

..

يمكننا أن نقف الآن

بكل توازن

أمام طريقين منفصلين

ونقول دون تردد

وداعًا

.

.

بطاقة العمل

اسم المستقل Awatef N.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 52
تاريخ الإضافة