سعد الدين كوبيك، واحد من أشهر و أعنت أمراء الدولة السلجوقية، و قد كُلِّف بإمارة الصيد و التعمير في فترة حكم السلطان علاء الدين كيقباد الأول الذي حكم الدولة السلجوقية في فترة ما بين 1220-1237 م، حيث شارك كوبيك في العديد من الفتوحات و المعارك العسكرية أولها المعركة التي خاضها ضد الأيوبيين و انتهت بانتصار السلاجقة.
كانت نية سعد الدين كوبيك تتجاوز الإمارة إلى السيطرة على حكم الدولة و نيل سلطانها، رغم ما كان يحيط بها من خطر ثلاثي؛ من جهة الماغول ناحية الشرق الذين بدأووا غزوهم نحو الأناضول و آسيا الصغرى، و من جهة عداوة البيزنطيين للسلاجقة غربا، إضافة إلى الصراعات مع الأيوبيين الذين أرادوا التوسع في الأناضول على حساب الدولة السلجوقية.
ظل طمع كوبيك في السيطرة على حكم الدولة يتزايد إلى أن توفي السلطان علاء الدين نتيجة مؤامرة حاكها كوبيك بمساعدة مجموعة من أمراء و وزراء الدولة الأوفياء له. السلطان الذي ترك وصية يؤكد فيها نقل حكم الدولة إلى ابنه من الملكة العادلية الأيوبية عز الدين كلج أرسلان، و ذلك بهدف توطيد العلاقات مع أخواله الأيوبيين و الحفاظ على الدولة السلجوقية حتى تتفرغ لقتال الماغول و إيقاف زحفهم، لكن تلاعب كوبيك حال دون ذلك، فقد كان سعد الدين كوبيك سببا مباشرا في مقتل الملكة العادلية الأيوبية و ابنها كلج أرسلان بمساعدة السلطانة مهبري، الزوجة التانية للسلطان علاء الدين، و تم نقل الحكم إلى ابنها من السلطان غياث الدين كيخسرو التاني، ما حال دون تنفيذ وصية والده.
بعد تنصيب غياث الدين كيخسرو سلطانا للدولة السلجوقية، نقل سياسة شؤون الدولة إلى الأمير سعد الدين كوبيك، هذا الأخير الذي استغل منصبه شر استغلال للوصول إلى هدفه. و قد غلبه طمعه و هوسه بالسلطنة إلى تصفية العديد من كبار أمراء و رجال الدولة الذين أعلنوا فيما سبق وفاءهم للسلطان غياث الدين، ما جعل كوبيك يخشى منافستهم و ضياع مبتغاه؛ فقد عمل على قتل العديد من رجال الدولة المهمين أولهم شمس الدين آلتون آبه و حسام الدين قيمري، ثم اتهم تاج الدين بروانه بالزنا و أقام عليه الحد رجما.
استمر كوبيك في التخلص من كل من يحاول أن يوقف بطشه حتى ازدادت هيبته و قَوِيَ جيشه و أصبح كل رجال الدولة يخشون سلطته.
أحس السلطان غياث الدين بخطورة كوبيك عليه و على الدولة السلجوقية، فقد تسببت تصرفاته بإضعاف الدولة أمام ما يحوم حولها من خطر الماغول و غضب الأيوبيين بعد مقتل الملكة و ابنها كلج أرسلان، وبعد تفكير طويل قرر السلطان كيخسرو التخلص من الخطر و قطع رأس الأفعى حتى لا ينتشر سمها أكثر من ذلك، فقام السلطان بطلب العون من أمير الحراس حسام الدين قراجة و هو الرجل الوحيد الذي كان يخشاه كوبيك، فقاموا بتدبير مكيدة له أثناء الاجتماع في مجلس السلطان.
نجح حسام الدين قراجة في قتل سعد الدين كوبيك بمساعدة الحراس بتوجيه عدة طعنات له بالخناجر و السيوف في دهليز القصر بينما كان خارجا من مجلس السلطان حتى انتزعوا روحه الشريرة، و قاموا بأمر من السلطان بتعليق جثته في مكان مرتفع حتى يكون عبرة لكل خائن، غير أن تدابير كوبيك المتهورة تسببت في إضعاف الدولة السلجوقية أمام أعدائها حتى بعد موت كوبيك عام 636 ه- 1239 م.